المبحث الخاص :
في الاستصحاب
والكلام فيه يقع من جهات :
الجهة الأولى : في تعريفه. ذكر شيخنا الأنصاري للاستصحاب تعاريف ، وأشكل عليها ، ثم زعم أن أسدها وأخصرها (إبقاء ما كان) (١).
وأفاد المحقق الخراسانيّ أن جميع التعاريف المذكورة للاستصحاب من قبيل شرح الاسم ، وكلها مشيرة إلى معنى واحد ، هو مورد النفي والإثبات ، وذلك المعنى الواحد هو (الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه) (٢).
ونقول : الظاهر ان ما اختاره المحقق المذكور في تعريف الاستصحاب بيان لما أفاده الشيخ ، إذ المراد بالإبقاء في كلامه ليس الإبقاء الخارجي ، وهو واضح ، بل المراد به حكم الشارع بالبقاء ، كما انّه لم يرد به الحكم بالبقاء واقعا ، فانه ليس من الاستصحاب في شيء ، وإنّما أراد به الحكم بالبقاء في مرحلة الشك.
وأما ما ذكره من رجوع جميع التعاريف إلى معنى واحد فلا يمكن المساعدة عليه ، لاستحالة تعريفه بما ينطبق على جميع الأقوال. فعلى القول بكون الاستصحاب من الأمارات وحجية مثبتاته لا يمكن تعريفه (بالحكم بالبقاء) إذ الحكم ليس أمارة ، بل هو منكشف بالأمارة ومدلول لها ، وهي كاشفة عنه ، بل
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٤١ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٧٣.