الفراغ عامة تجري في جميع أبواب العبادات من الصلاة والطهارات والحج ، بل في المعاملات بالمعنى الأخص من العقود والإيقاعات ، بل في المعاملات بالمعنى الأعم كالتطهير ونحوه ، كما هو الحال في أصالة الصحة في فعل الغير. كما لم يستشكل ظاهرا أحد في عدم جريان قاعدة التجاوز في الطهارات الثلاث ، اما تخصيصا أو تخصصا.
وانما الكلام في انّ قاعدة التجاوز عامة تعم جميع أبواب الفقه ، وقد خرج عن عمومها باب الوضوء بالنص الصريح الدال على الاعتناء بالشك في الأثناء ، وألحق به الغسل والتيمم بالإجماع أو للمناط. أو انها مختصة بباب الصلاة ، وخروج الطهارات الثلاث يكون بالتخصص لا بالتخصيص؟ ظاهر كلام الشيخ هو الأول.
ولكن الميرزا أصرّ على اختصاصها بباب الصلاة دون غيرها (١) ، فلا حاجة في إثبات عدم جريانها في الوضوء بالتمسك بالنص ، ولا في إلحاق الغسل والتيمم به إلى الإجماع والعلم بالملاك.
وتحقيق الكلام في ذلك مبني على بيان ان قاعدة التجاوز والفراغ قاعدتان ، أو أنهما قاعدة واحدة ، يعبر عنها تارة بقاعدة الفراغ ، وأخرى بقاعدة التجاوز.
الجهة الثالثة : في أنهما قاعدتان أو قاعدة واحدة.
قد يقال : بأنهما قاعدتان. ويستدل على ذلك بوجوه :
الوجه الأول : ان المجعول في كل منهما مغاير للمجعول في الآخر ، فان التعبد في مورد قاعدة التجاوز انما هو بأصل وجود المشكوك بنحو مفاد كان التامة ، وفي مورد قاعدة الفراغ يكون الوجود مفروغا عنه ، والتعبد بصحته بنحو مفاد كان الناقصة ، أي بالملزوم دون اللازم فلا يمكن الجمع بينهما بدليل واحد.
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤٦٨.