لليقين السابق الموجب لرفع اليد عنه هو اليقين بتحقق ما يحتمل رافعيته ، فهو الجزء الأخير من العلة الثابتة لنقض اليقين السابق ، فيستند إليه ، فيكون من نقض اليقين باليقين لا بالشك.
وفيه : أنه ليس كل يقين أو شك ناقضا لكل يقين ، بل يعتبر في الناقض تعلقه بضد ما تعلق به اليقين السابق بحيث يتحد النقيضان ، وإلّا فلا علاقة بينهما ليكون أحدهما ناقضا للآخر.
وعليه ففي المقام لا يعقل ان يكون اليقين بتحقق الرعاف أو بخروج البلل ناقضا لليقين بالطهارة ، لعدم الارتباط ، بل الناقض لليقين بالطهارة هو الشك فيها ، وهو نتيجة الشك في رافعية الموجود ، أي الشك في الرافعية واليقين بتحقق ما يحتمل رافعيته.
وأما ما ذكره من مجامعة الشك في الرافعية مع اليقين بالطهارة فهو مغالطة ظاهرة ، بداهة ان في المقام شكان ، أحدهما : الشك في الكبرى الكلية أعني ناقضية الرعاف ، ثانيهما : في النتيجة المسبب عن الشك في الكبرى بعد العلم بتحقق صغراها في الخارج ، فانها تابعة لأخس المقدمتين ، وهو الشك في بقاء الطهارة. وما يناقض اليقين بالطهارة ويستحيل اجتماعه معه هو الثاني دون الأول ، فنقض اليقين يكون بهذا الشك ، فيعمه دليل المنع عن ذلك. نعم لو كانت الكبرى كانطباقها قطعية لكان النقض باليقين. فالتفصيل لا وجه له.
٥ ـ التفصيل بين الأحكام الوضعيّة والتكليفية :
وبيانه يبتني على تقديم أمور :
الأول : في الفرق بين الأحكام الوضعيّة والتكليفية. لقد ذكرنا في محله أن الأحكام مطلقا بأنحائها من أفعال المولى ، وليس شيء منها عين الإرادة ولا الكراهة ، بل هما من مبادئ الحكم ومقدماته. وأما الحكم نفسه فهو اعتبار