نفساني ، ولذا قلنا يستحيل إنشاؤه باللفظ ، بل اللفظ يكون مبرزا له من غير فرق في ذلك بين الأحكام الوضعيّة والتكليفية ، وإنما الفرق بينهما من ناحية متعلق الاعتبار ، فان الاعتبار تارة يتعلق بفعل المكلف ، وأخرى بغيره. وعلى الأولى ان اعتبر المولى ثبوت الفعل على ذمة المكلف نظير ثبوت الدين على ذمة المديون كان هو الوجوب ، وقد عبّر عن الواجبات بالدين في قوله عليهالسلام «دين الله أحق أن يقضى» وان اعتبر حرمان المكلف عن الفعل كان هي الحرمة ، وقد أطلق عنوان الحرام على الحرمان في بعض الأخبار ، كما ورد ان الجنة حرام على آكل الرّبا ، بداهة أنه ليس المراد به الحكم التكليفي ، بل المراد أنه محروم منها. وان اعتبر إرسال المكلف بالإضافة إلى الفعل فهو الإباحة بالمعنى الأعم ، الجامع بين الجواز والندب والكراهة. وهذه هي الأحكام التكليفية.
وأما إذا تعلق الاعتبار بغير فعل المكلف ، أو تعلق به ولكن لم يكن المعتبر أحد الأمور الثلاثة كان حكما وضعيا. فالحكم التكليفي منحصر بالأمر الاعتباري المتعلق بفعل المكلف من حيث الاقتضاء والتخيير. وأما سائر الأمور الاعتبارية فجميعها أحكام وضعية ، سواء كان موردها فعل المكلف ، كاعتبار شرطية فعل أو جزئيته أو مانعيته ، أو نفس المكلف ، كاعتبار الزوجية لأحد الزوجين ، أو غير ذلك من الأمور الخارجية كاعتبار ملكية الأموال.
الثاني : لا خفاء في انقسام الأمور الخارجية إلى المتأصل وغيره. فان منها ما يكون له ما بحذاء في الخارج ولو بالفرض ، أي إذا فرض موجودا خارجا وان لم يكن له وجود خارجي كالعنقاء ، ويعبر عنها بالموجودات المتأصلة والمقولات كالجواهر والأعراض. ومنها ما ليس له ما بحذاء في الخارج ، بل يكون وجوده بوجود منشأ انتزاعه ، كالعلية والمعلولية ، فانه ليس لها ما بحذاء خارجي وإلّا لتسلسل ، إذ العلية لو كانت موجودة فوجودها محتاج إلى علة ، وينقل الكلام إلى