وأما الفرع الثاني : فبطلان الصلاة فيه ليس لما ذكره الشيخ من استصحاب بقاء الحدث قبل الصلاة ، لزواله حين الشروع في الصلاة وفي الأثناء بزوال موضوعه وهو الشك الفعلي وانقلابه إلى الغفلة ، فانه كما يعتبر فعلية الشك في جريان الاستصحاب حدوثا يعتبر فعليته فيه بقاء ، فإذا غفل عن الشك يسقط الاستصحاب لا محالة. ولا أثر لجريانه قبل الصلاة مع سقوطه حين الشروع فيها ، بل الفساد إنما هو لعدم جريان قاعدة الفراغ فيها ، فانها إنما تجري في الشك الحادث بعد الفراغ لا قبله ، والشك في الحدث بعد الصلاة بعينه هو الشك الأول الثابت قبل الدخول في الصلاة عرفا ، الّذي غفل عنه وكان موجودا في خزانة النّفس ثم التفت إليه ، وكونه بالدقة العقلية شكا حادثا مغايرا للشك الأول لا يعتنى به بعد كونه عينه بنظر العرف الّذي هو المعتبر.
نعم لو فرض الشك في الصحة من جهة أخرى بحيث كان شكا حادثا عرفا جرت فيه القاعدة ، بناء على جريانها مع الغفلة. فالمدار في بطلان الصلاة على جريان القاعدة وعدمه لا الاستصحاب.
وبما بيناه ظهر ان ما ذكره في الكفاية (١) من تقييد الفرع بما إذا قطع المصلي بعدم تطهيره بعد الشك لا يوجب بطلان الصلاة من حيث الاستصحاب.
التنبيه الثالث : موارد ثبوت الحالة السابقة بغير اليقين.
لا إشكال في جريان الاستصحاب في ما إذا تيقن المكلف بحدوث شيء وجدانا وشك في بقائه. وإنما الكلام في جريانه فيما كان محرزا بالتعبد بقيام أمارة أو أصل عملي عليه.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٠٩.