بشيء مما يعتبر فيه عمدا ، والإخلال السهوي خلاف الأصل ، ولا يعتني باحتماله العقلاء، لأن الإنسان حين اشتغاله بالعمل ملتفت غالبا ، وإنما يسهو بعد الفراغ منه ، وإليه أشير في بعض الأخبار بقوله عليهالسلام «لأنه حين ما يتوضأ أذكر» وقوله عليهالسلام «لأنه حينما يصلي أقرب إلى الواقع منه حينما يشك» وقوله عليهالسلام فيمن شك في الركوع وقد دخل في السجدة «بلى قد ركع» ، فتختص بما إذا كانت الأذكرية حين العمل محتملة ، ولا تجري مع اليقين بالغفلة ومجرد احتمال المصادفة الواقعية ، نظير ما إذا كانت صورة العمل محفوظة وشك في صحته ، كما إذا توضأ بمائع معين وصلى ، ثم شك في كونه مطلقا أو مضافا ، فلا تجري في المقام أيضا ، إذ المفروض ان المصلي متيقن بالغفلة حين الشروع وفي الأثناء ، وحاله بعد الفراغ وقبله سيان ، فأين الأذكرية والأقربية إلى الواقع؟! فحينئذ يجري استصحاب الحدث بعد الصلاة ، فيحكم ببطلانها.
وأما بناء على كونها وظيفة عملية جارية في فرض الغفلة ومجرد احتمال المصادفة ، كما هو أحد الوجهين في المسألة ، فيحكم بصحة الصلاة ، سواء قلنا بجريان الاستصحاب التعليقي أم لم نقل به ، فان قاعدة الفراغ كما تتقدم على الاستصحاب الفعلي الجاري بعد الفراغ ، لكونها واردة في مورده ، كذلك تتقدم على الاستصحاب التعليقي الجاري قبل الفراغ ، لعين ذاك الوجه ، فانه مورد لها غالبا لو قلنا بجريانها مع الغفلة أيضا ، فلا بد من ترجيحها عليه.
وبالجملة فلا بد من النّظر في أدلة قاعدة الفراغ ، فان قيل : بجريانها في مورد الغفلة جرت في المقام ، وتتقدم على الاستصحاب التعليقي لو قلنا به ، فيحكم بصحة الصلاة ، وإلّا فلا تجري ، فيحكم بفساد الصلاة ، سواء قلنا بالاستصحاب التعليقي أم لم نقل.