وقد اختاره شيخنا الأنصاري (١) ورتب عليه فرعين :
الأول : صحة الصلاة فيما إذا تيقن المكلف بالحدث فغفل وصلى ، ثم بعد الفراغ شك في الوضوء ، فان الشك التقديري إذا كان كافيا في جريان الاستصحاب لجرى في حقه استصحاب الحدث حين الشروع في الصلاة وفي الأثناء ، حيث لا مجال لقاعدة الفراغ ، فكانت صلاته محكومة بالفساد. وهذا بخلاف ما إذا اعتبرنا فعلية الشك ، فانه لا مجال حينئذ للاستصحاب قبل الفراغ ، لعدم فعلية الشك ، وكذا بعده ، لقاعدة الفراغ وتقدمها عليه بالحكومة ـ كما هو الصحيح ـ أو بالتخصيص ـ كما قيل ـ لأنه لو لم تتقدم عليه لزم تخصيصها بالموارد النادرة كالشك في المانع ، وسيتضح في محله إن شاء الله تعالى.
الثاني : بطلان صلاة من تيقن بالحدث ثم شك فيه وجرى في حقه الاستصحاب ، ثم غفل عن حاله وصلى ، وبعدها التفت وشك في كونه محدثا ، لتنجز الحدث عليه بالاستصحاب قبل الشروع في الصلاة.
ونقول : الكبرى الكلية التي أفادها تامة ، وهي اعتبار فعلية اليقين والشك في جريان الاستصحاب ، لأن ظاهر القضية ثبوت الحكم للموضوع الفعلي لا التقديري كما عرفت. إلّا ان ما فرعه عليها غير صحيح.
أمّا الفرع الأول : فاستصحاب الحدث حين الشروع في الصلاة وفي الأثناء وان لم يكن جاريا ، إلّا أن جريان قاعدة الفراغ أيضا محل تأمل ، وعليها تبتني صحة الصلاة وفسادها.
توضيحه : انّه بناء على كون قاعدة الفراغ من الأمارات العقلائية التي أمضاها الشارع كما هو المختار ، فان الشارع في عمل مركب بحسب طبعه لا يخل
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٤٧ ـ ٥٤٨ (ط. جامعة المدرسين).