ثم القرينية ليست تحت ضابط معين ، بل تختلف باختلاف خصوصيات الموارد ، لكن غالبا كما ذكرنا يكون الفضلة في الكلام قرينة على غيرها.
وقد ينعكس الأمر ، فيكون الفضلة هو ذو القرينة.
ومن هنا ذكر شيخنا الأنصاري في حديث لا تنقض اليقين بالشك أن النقض قرينة على اختصاص اليقين مع كونه فضلة في الكلام ، أي مفعولا بما إذا تعلق بما فيه إبرام واستعداد للبقاء ، فخص الاستصحاب بالشك في الرافع. وكذلك في قولك : لا تضرب أحدا ، ذكروا انّ ظهور الضرب في المؤلم قرينة على أن المراد من الأحد خصوص الحي دون غيره.
ولكن شيخنا الأنصاري ذكر موارد يكون تقدم أحد الدليلين المتعارضين على الآخر فيما تحت ضابط كلي.
منها : ما إذا وقعت المعارضة بين العام والمطلق ، فالعام يتقدم. وذكر في وجهه ان ظهور العام في الشمول تنجيزي ، وظهور المطلق فيه تعليقي ، أي معلق على عدم بيان القيد ، فيصلح أن يكون العام عند المعارضة بيانا للمطلق (١).
وأورد عليه المحقق الخراسانيّ في الحاشية وفي الكفاية (٢) في المقام وغيره أن ظهور المطلق وان كان تعليقيا إلّا أنه ليس معلقا على عدم البيان إلى الأبد ، بل معلق على عدم البيان في اللفظ ، فإذا تم الكلام وسكت المتكلم صار ظهوره تنجيزيا لحصول المعلق عليه ، كما كان ظهور العام تنجيزيا بنفسه ، فلا وجه للتقديم.
والجواب عنه : أولا : انّا إذا فرضناهما في كلام واحد لا ريب في تقدم العام على المطلق ، وصيرورته بيانا لما أريد منه ، كما اعترف به المحقق الخراسانيّ في بحث الواجب المشروط. ولا فرق في ذلك بين الكلام الواحد والمتعدد.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٩٢ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) كفاية الأصول : ٢ ـ ٤٠٣ ـ ٤٠٤.