والعدمية ، بضم الوجدان إلى الأصل. وقد ذكرنا فيما سبق أنه يمكن إحراز الشرط والمشروط كالطهارة ، وما هو مشروط بهما ، بضم الوجدان إلى الأصل ، فضلا عن إحراز بعض اجزاء المركب بالوجدان ، وبعضها الآخر بالتعبد. وفي المقام نحرز الجزء العدمي بالاستصحاب ، والأجزاء الوجودية بالوجدان ، كما هو المفروض.
التنبيه الثاني عشر :
يعتبر في الاستصحاب فعلية اليقين بالحدوث والشك في البقاء ، فانهما مأخوذان في دليله ، وترتب الأثر عليه ، وإلّا كان جريانه لغوا ، وقيام دليل عليه ، فانه ليس مما استقل به العقل ، بل لا بد من قيام دليل شرعي عليه ، إلّا أنه لا يعتبر في الأثر ان يكون حكما متعلقا بالافعال الخارجية ، بأن يكون الأثر المترتب عليه منطبقا بالافعال الجوارحية ، بل يكفي ان يكون الأثر من الأفعال الجوانحية ، كالبناء والاعتقاد على شيء. والتعبير عنها بالأصول العملية انّما هو في قبال الأمارات الناظرة إلى الواقع ، فان الأصول وظائف عملية للشاك ، لا من جهة تعلقها بالعمل الخارجي.
وعليه فلا مانع من الاستصحاب فيما يرجع إلى الأمور الاعتقادية ، كما إذا شك في بقاء امام يجب الاعتقاد بإمامته ، فانه يستصحب بقاؤه ، ويرتب عليه وجوب الإذعان بإمامته. وما ذكرناه مقدمة لبيان ما ورد في خبر الاحتجاج من استدلال الكتابي على حقيقة دينه بالاستصحاب ، وجواب الإمام عليهالسلام عنه ، بأنّا انّما نعترف بالنبي الّذي اعترف بنبوة نبينا وبشّر به (١) ، فان الشيخ قدسسره أورد عليه بأن موسى أو عيسى لم يكن كليا ليصح القول بأنا نعترف ببعض حصصه دون بعض ، بل هما شخصان خارجيان ، والمفروض اعترافنا بنبوتهما (٢).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا : ١٢٨.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٧٣ (ط. جامعة المدرسين).