الّذي عقد عليه هذا البحث ، فان حكم القسمين الأولين واضح. فتارة : يكون تعارضهما بالتباين ، كما إذا دل دليل على وجوب شيء ، وآخر على عدمه ، أو دليل دل على نجاسة شيء ، والآخر على عدمها. وأخرى : يكون بالعموم من وجه.
وفعلا نتكلم في فرض التباين ، ثم نتكلم في العامين من وجه. أما على القاعدة فقد عرفت ان الحكم هو التساقط ، ولكن في تعارض الخبرين ورد اخبار كثيرة بل متواترة على لزوم الأخذ بأحدهما تعيينا أو تخييرا ، فسقوطهما معا مقطوع البطلان.
وإنّما الكلام في المرجحات ، وانها إلزامية ، فلا تصل النوبة إلى التخيير مع وجودها ، أو انها استحبابية كمرجحات امام الجماعة ، والتخيير ثابت حتى في فرض وجود المرجح في أحدهما ، وقد ذهب إليه الآخوند (١) تبعا لصاحب الوافية؟
وبالجملة الكلام في تعارض الخبرين يقع في مقامين :
أحدهما : فيما إذا كان بالتباين.
ثانيهما : ما إذا كان بالعموم من وجه.
أما المقام الأول : فقد عرفت أن مقتضى القاعدة فيه هو التساقط ، لأن دليل حجية الخبر لا يمكن ان يشملهما معا ، فلا يمكن شموله لأحدهما أيضا ، فحجية أحدهما تعيينا أو تخييرا لا بد وأن يكون بدليل ، فيقع الكلام في بيانه.
وقد ذهب صاحب الكفاية (٢) إلى أن الأخبار الواردة في المقام على طوائف ، بينما يكون آمرة بالتوقف ، وما هو آمرة بالاحتياط ، وما ذكر فيه الترجيح ، وما يستفاد منه التخيير.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٩٣.
(٢) كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٨٩ ـ ٣٩١.