ونقول : أما ما دل على التوقف فلم نعثر منه إلّا على ما في ذيل المقبولة من الأمر (١) بالتوقف وتأخير الواقعة إلى زمان لقاء الإمام عليهالسلام بعد فرض الراوي تساوي الروايتين من حيث المرجحات. وما في رواية سماعة بن مهران (٢) من الأمر بالتوقف ابتداء.
ولا يمكن أن يكون شيء منهما مدركا للقائل بلزوم التوقف في مقام الإفتاء والتخيير في مقام العمل وهو السيد الصدر في الوافية على ما حكي عنه.
وذلك لأن المقبولة وان كانت متقبلة عند الأصحاب ، ولذا سميت بالمقبولة ، إلّا أنها واردة في المتخاصمين ، ومن الظاهر ان التخيير عند فقد المرجح لا يرفع المخاصمة بينهما ، لأن كلا منهما يختار حينئذ ما هو الموافق لغرضه ، ومن هنا لم يحكم الإمام عليهالسلام هناك بالتخيير.
وامّا رواية سماعة فمضافا إلى ضعف سندها ، ظاهرا معارضة للمقبولة ، حيث حكم فيها الإمام عليهالسلام ابتداء بالتوقف ، ثم الأخذ بما خالف العامة فيما إذا لم يمكن تأخير الواقعة إلى زمان لقاء الإمام عليهالسلام ، والمقبولة بعكس ذلك. على أن موردهما هو فرض التمكن من تأخير الواقعة إلى زمان الوصول بخدمة الإمام عليهالسلام فلا يعم عصر الغيبة ، ولا ما إذا لم يمكن تأخير الواقعة ، ولا ما إذا أمكن كل ذلك ولم يكن الوصول بخدمته عليهالسلام ميسورا لبعد الطريق ونحوه.
ولم نعثر على غيرهما مما دل على التوقف عند تعارض الخبرين. نعم ورد الأمر بالتوقف عند الشبهة في روايات (٣) ، إلّا أنها عامة في مطلق الشبهات ، وما ورد في التخيير أو الترجيح في فرض المعارضة أخص منها ، فيخصصها بغير فرض المعارضة. مضافا إلى ان المقام خارج عنها موضوعا ، إذ بعد التعبد بالأخذ بأحد
__________________
(١ ، ٢) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ١ ، ح ٥.
(٣) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ١٢ من أبواب صفات القاضي.