بفراغ الذّمّة بالبيان المتقدم ، فان البناء على اليقين غير تحصيله ، وإذا كان هو المراد لكان المناسب ان يقول : إذا شككت فحصل اليقين.
نعم ربما تحمل الموثقة على قاعدة اليقين ، أعني الشك الساري ، ويدفعه : ظهور عنوان اليقين في اليقين الفعلي عند البناء عليه ، ولا يستقيم فعلية اليقين والشك معا عند البناء على اليقين إلّا في مورد الاستصحاب. وأما في مورد القاعدة فاليقين منتف في ظرف البناء عليه.
ومن الأخبار التي استدل بها على الاستصحاب رواية الخصال عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد روي بنحوين :
أحدهما : قوله عليهالسلام «من كان على يقين فشك ، فليمض على يقينه ، فان الشك لا ينقض اليقين» (١).
ثانيهما : قوله عليهالسلام «من كان على يقين فأصابه شك ، فليمض على يقينه ، فان اليقين لا يدفع بالشك» (٢).
وأورد عليه الشيخ بأن ظاهر الفاء في قوله عليهالسلام «فشك» أو «فأصابه شك» هو تأخر زمان حدوث الشك عن زمان حدوث اليقين ، وهذا لا يعتبر إلّا في مورد قاعدة اليقين ، لأنه في مورد الاستصحاب قد يتحد زمان حدوث الصفتين ، وقد يتأخر حدوث صفة اليقين عن حدوث الشك. بل عدم ذكر المتعلق مشعر باتحاد متعلق الوصفين ، وهذا أيضا لا يكون إلّا في القاعدة.
وأجاب باحتمال كون التعبير بلحاظ اختلاف زماني الموصوفين ، وسرايته إلى الوصفين لما بين اليقين والمتيقن من الاتحاد (٣).
والصحيح أن يقال : تأخر حدوث صفة الشك عن حدوث صفة اليقين زمانا
__________________
(١) الخصال : ٦١٩.
(٢) الإرشاد : ١٥٩.
(٣) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٦٩ ـ ٥٧٠.