كقوله عليهالسلام «لو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق» إذ كما ان اليد لو لم تكن كاشفة عن الملك ، واحتاج إثبات مالكية كل من يبيع شيئا إلى قيام البينة على ذلك ، اختلت الأسواق ، كذلك إذا لم تجر أصالة الصحة في فعل الغير ، وكلما شك في ترتب الأثر على المعاملة الصادرة من الغير جرى استصحاب عدم ترتب الأثر المرغوب منها ، اختل النظام ، ولزم جواز تزويج زوجات الناس ، وعدم جواز شراء أموال الناس واستئجارها منهم ، وهو واضح الفساد.
وهذا الوجه وإن كان تاما في الجملة إلّا أنه غير جار في جميع الموارد ، مثلا عدم جريان أصالة الصحة في غسل الثوب لا يلزم منه هرج ولا مرج.
الوجه الرابع : وهو العمدة ، وهو قيام سيرة العقلاء إلى زمان الأئمة عليهمالسلام على إجراء أصالة الصحة في فعل الغير. كما ان سيرة المتدينين أيضا قائمة على ذلك في المعاملات والعبادات ، ولم يرد عنها ردع من الأئمة عليهمالسلام ، فتكون ممضاة ، فتكون أصالة الصحة معتبرة مطلقا.
الجهة الثالثة : هل الصحة المترتبة على أصالة الصحة في فعل الغير هي الصحة عند الفاعل ، أو الصحة الواقعية؟ الظاهر هو الثاني ، لعدم ترتب الأثر على صحة العمل بنظر الفاعل ما لم يكن صحيحا بنظر الحامل. والسيرة جارية على ترتيب الحامل آثار الصحة على فعل الغير ، فإذا فرضنا ان الفاعل يرى جواز تغسيل الميت ارتماسا ، فإجراء أصالة الصحة في تغسيله لا يوجب سقوطه عن الحامل.
ثم موارد حمل فعل الغير على الصحة على صور :
الأولى : أن يكون الحامل عالما بجهل الفاعل بالمسألة حكما أو موضوعا.
الثانية : أن يكون جاهلا بذلك.
الثالثة : أن يكون عالما بعلمه بالمسألة.