بقي في المقام فرعان :
الأول : أنهم فصلوا في جواز البقاء على تقليد الميت بين ما إذا عمل المقلد بفتوى المجتهد الميت قبل ذلك فيجوز له البقاء ، وما إذا لم يعمل به فلا يجوز وان التزم بتقليده ، أو تعلم فتاواه بقصد العمل به.
والوجه فيه هو الخلاف في معنى التقليد ، فانه لو كان عبارة عن العمل ، فلا بد منه في جواز البقاء على تقليد الميت ، لتحقق هذا العنوان والدخول تحت هذه الكبرى. وان كان عبارة عن الالتزام أو التعلم فلا يعتبر فيه البقاء ، لصدق عنوان البقاء على التقليد بدونه أيضا.
لكنه توهم فاسد ، لأن عنوان التقليد لم يرد في دليل لفظي ليدور الحكم مدار تحقق هذا العنوان ، بل لا بد من الرجوع إلى مدرك جواز البقاء على تقليد الميت ليرى انه مختص بصورة العمل ، أو يعم غيرها أيضا.
فنقول : مدرك جواز البقاء على تقليد الميت أحد أمور ثلاثة :
أحدها : الاستصحاب ، وهو على تقدير جريانه غير مختص بصورة العمل ، لأن فتوى المجتهد السابق كان حجة عليه ولو لم يعمل به ، اما لعدم كونه محل ابتلائه ، وإما لغير ذلك من عصيان أو نسيان أو غيره ، فيشك في زوال حجيته بالموت ، والأصل بقائها.
ثانيها : سيرة العقلاء ، فانها قائمة على الرجوع إلى الميت ، وقد ردع عنها في الرجوع الابتدائي ، للإجماع والاخبار والعلم الخارجي ، واما في الاستمراري فلم يردع ، إذ لا إجماع على المنع ، ولا يعم الأخبار والآيات الردع عن البقاء ، ولم يعلم من الخارج خلافه ، من غير فرق بين العمل سابقا وعدمه.
ثالثها : الاخبار الواردة في إرجاع الناس إلى الرّواة والعلماء ، التي بإطلاقها تعم ما بعد الموت وعدم العمل بالفتوى سابقا.