السابقة إلزاما ، فهو تام ان احتمل المسلم بقاء حكم من الشريعة السابقة ، وعدم نسخه ، مع قطع النّظر عما تقدم من الإشكال في استصحاب عدم النسخ ، وما ذكرناه من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية.
التنبيه الثالث عشر : عموم العام أو استصحاب عدم المخصص.
إذا ورد عام وكان له عموم أزماني ، وورد عليه مخصص ، ثم شك في بقاء حكم المخصص في الزمان الثاني ، فهل يرجع في ذلك إلى عموم العام ، أو يرجع إلى استصحاب حكم المخصص؟ بعد وضوح ان الاستصحاب لا يقاوم الدليل اللفظي من العموم أو الإطلاق. فالبحث انما يكون في تعيين الموارد ، أي شمول الدليل اللفظي للمورد وعدمه. ومن تلك الموارد عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فان مقتضاه لزوم كل عقد مستمرا ، وقد خصص البيع الغبني ، فإذا شك في كونه مبنيا على الفور أي اختصاص الخروج بحين العلم بالغبن وعدمه ، فيقع البحث في انه هل يرجع في ذلك إلى العموم أو إلى استصحاب الخيار. ومن الموارد أيضا ما ذكرناه.
وقد فصل الشيخ فيه بينما إذا كان الزمان قيدا للعام بان كان مفردا للموضوع ، وكانت الأفراد الطولية كالعرضية ، لكل منها حكم مستقل ، وكان عموم العام بالقياس إليها استغراقيا ، وما إذا كان الزمان ظرفا ، وكان لكل فرد عرضي حكم واحد مستمر في عمود الزمان ، وكان شموله بالإضافة إلى الأفراد الطولية مجموعيا ، نظير الصوم كقوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) ، فان الوفاء بكل عقد حكم واحد مستمر. فذهب في الأول إلى التمسك بالعامّ ، لأن خروج فرد من العام لا يستلزم خروج الفرد الآخر ، وفي الثاني إلى الاستصحاب، حيث ان الفرد الخارج خرج عن العام ، وقد انقطع عنه حكمه ، وعوده يحتاج إلى دليل (٢).
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٨٠ ـ ٦٨١ (ط. جامعة المدرسين).