دوري ، فان حجيته حينئذ مبنية على عدم منسوخية الأحكام السابقة ، والمفروض انّا نريد إثبات ذلك بالاستصحاب. كما انه إذا كان حجة في خصوص الشريعة اللاحقة لزم من وجوده عدمه ، فان الشريعة اللاحقة لو لم تكن حقا فحجية الاستصحاب أول الكلام ، وإلّا فارتفاع أحكام الشرائع السابقة متيقنة ، فأي شيء يستصحب.
وأما إذا كان الاستصحاب حجة في كلتا الشريعتين فهو يعتقد بأن وظيفته العمل على طبقه على أي تقدير ، فيمكن التمسك به.
هذا كله في التمسك بالاستصحاب إقناعا.
وأما المقام الثاني :
أعني الشك به إلزاما ، فان تمسك به لإثبات أصل النبوة ، فللمسلم عنه أجوبة :
الأول : إنكار اليقين بنبوة النبي السابق رأسا ، فان ثبوت نبوته بالتواتر في جميع الطبقات أول الكلام ، بل قيل : ان من آمن بعيسى عليهالسلام حين ارتفاعه لم يكونوا إلّا أحد عشر رجلا ، خصوصا مع هذه الكتب المحرفة التي بأيديهم ، المقطوع عدم كونها من الله تعالى ، فانما نعرف نبوتهم حيث أخبر نبينا بذلك ، ولذا نحن نقطع بتحريف الكتب التي بأيديهم.
وعليه فإذا كانت هذه الشريعة ثابتة فنبوة النبي السابق منسوخة ، وإلّا فلا يقين بثبوته ليستصحب. وإلى هذا أشار الإمام عليهالسلام في رواية الاحتجاج ، حيث قال : نحن نعرف بنبوة موسى وعيسى الّذي بشر بنبوة نبينا ، فلا إشكال.
الثاني : ان المسلم لا يحتمل بقاء نبوة النبي السابق ، بل يقطع بمنسوخية نبوته ، إذ المفروض انه مسلم فلا يقين بالحدوث إلّا من طريق هذه الشريعة ، كما لا شك له في البقاء ليستصحب. وأما تمسكه بالاستصحاب في أحكام الشريعة