جزما. وفي الثالثة الظاهر عدم الجريان ، لانصراف الأدلة عنها ، واختصاصها بما إذا كانت الأذكرية أمارة على الصحة ، وهو غير هذه الصورة.
الجهة السادسة :
لا إشكال في جريان قاعدة الفراغ إذا شك في صحة العمل بعد الفراغ عنه ، سواء كان منشؤه الشك في وجود بعض اجزائه ، أو الشك في تحقق بعض شرائطه ، لإطلاق الأدلة.
وأما قاعدة التجاوز فيما إذا شك في صحة العمل في الأثناء ، فان كان منشؤه الشك في وجود الجزء السابق ، فلا ريب في جريانها إذا كان محل الجزء المشكوك فيه متجاوزا بالدخول في الغير المترتب عليه شرعا على ما تقدم تفصيله.
وأما إن كان منشأ الشك الشك في تحقق شرط الجزء السابق ، ففي جريان القاعدة تفصيل. وذلك لأن الشرائط المعتبرة في العمل كالصلاة على قسمين :
أحدهما : ما يكون معتبرا في خصوص الأجزاء دون الأكوان المتخللة فيها ، كالاستقرار ، فانه غير معتبر في الأكوان المتخللة بين اجزاء الصلاة. ومن هذا القبيل النية بكلا معنييها بمعنى قصد القربة ، وبمعنى قصد عنوان العمل ، فان القربة والإضافة إلى المولى انما يعتبر في افعال الصلاة. وهكذا قصد عنوان صلاة الظهر مثلا ، فان الأفعال لا بد وان يؤتى بها بذاك العنوان ، وأما الأكوان المتخللة بينها فلا يعتبر فيها شيء من الأمرين.
ومن هنا إذا عدل المصلي في الأثناء عن قصده ، ثم بدا له الإتمام ، صحت صلاته على خلاف. ولكن لا خلاف في ذلك في الوضوء إذا عدل المتوضئ عن قصده في الأثناء ثم بدا له إتمامه. نعم إذا عدل في أثناء الصوم عما نواه بطل ، ولا يمكن إتمامه بعد ذلك ، لأن الإمساك في كل آن جزء من الصوم ، لا بد من وقوعه مع النية ، فإذا لم يقع كذلك بطل ، فهو خارج عن محل الكلام.