وبالجملة الاستقرار والنية انما يعتبران في افعال الصلاة دون أكوانها.
ثانيهما : ما يكون معتبرا في العمل مستمرا من مبدئه إلى منتهاه ، كالاستقبال والطهارة.
ثم المشكوك فيه إن كان من قبيل الثاني ، فان كان للشرط المزبور محل شرعي قد مضى حين الشك وتجاوز جرت فيه قاعدة التجاوز ، كما في الإقامة ، فانها معتبرة في الصلاة مستمرا ، ولا بد أن تكون الصلاة من أولها إلى آخرها مسبوقة بالإقامة على ما هو الصحيح ، وذهب إليه جملة من المتأخرين ، ولكن عين لها محل شرعي ، وهو قبل الشروع في الصلاة ، فإذا شك المصلي في أثناء الصلاة في أنه أتى بالإقامة أو لم يأت بها يصدق أنه تجاوز محلها ومضى ، فتجري فيها القاعدة ، ويكون الشك فيها ملغى.
وأما إن لم يكن للشرط المشكوك فيه محل شرعا ، فان كان المكلف محرزا له في حال الشك ، وكان شكه فيما مضى من الأجزاء جرت القاعدة أيضا ، لصدق المضي بالإضافة إلى الأجزاء السابقة وما اعتبر فيها ، كما إذا فرضنا ان المصلي حين الشك يعلم بأنه إلى القبلة ، ولكنه يشك في وقوع الاجزاء السابقة إليها. وأما إذا لم يكن محرزا للشرط حين الشك أيضا ، فبالنسبة إلى الحال الفعلي لا يصدق عنوان المضي والتجاوز ، بل يكون المحل باقيا ، ومقتضى قاعدة الاشتغال لزوم الإحراز.
وبما ذكرناه ظهر الحال فيما إذا شك في النية ، كما إذا أتى المكلف بصلاة الظهر ، ثم شرع في صلاة أخرى ، وفي الأثناء شك في أنه نوى بالثانية أيضا صلاة الظهر لتكون فاسدة ، أو نوى بها العصر لتكون صحيحة. فان كان حين الشك ناويا للعصر ، وكان شكه في انه نواه في الركعة السابقة أولا ، جرت فيه قاعدة التجاوز ، لصدق عنوان المضي والتجاوز. وأما إذا لم يكن محرزا للنية حين الشك أيضا ، فلا يصدق المضي بالقياس إلى حال الشك ، فلا مجال لجريان القاعدة.