انعكس الأمر ، بأن كان القيد مقوما للموضوع صرفا ، كالاجتهاد في وجوب التقليد ، والعدالة في قبول الشهادة ، فلا مجال للاستصحاب عند زواله ، سواء أخذ في لسان الدليل مقوما للموضوع ، أو شرطا للحكم. وبما أن عنوان نقض اليقين بالشك عنوان عرفي ، ورد في الدليل ، لا بد من حمله على النقض العرفي ، والمضي العرفي ، فيكون العبرة في البقاء بنظر العرف دون لسان الدليل ، فلا عبرة به.
ونظير هذا ما ذكرناه في كتاب البيع من ان تخلف الصور النوعية العرفية يوجب بطلان البيع ، سواء أخذ في مقام الإنشاء مقوما للمبيع ، كما إذا قال : بعتك هذا الفرس وكان حمارا ، أو قال : بعتك هذا البساط فبان كونه عباء. أو أخذ شرطا في البيع ، كما إذا قال : بعتك هذا على أن يكون فرسا أو بساطا ، وتخلف الوصف لا يوجب سوى الخيار ، من غير فرق بين جعله عنوانا للمبيع ، كما إذا قال : بعتك العبد الكاتب ، وجعله شرطا بقوله : بعتك هذا العبد على أن يكون كاتبا. فالميزان بكون العنوان مقوما أو وصفا بنظر العرف ، ولا اعتبار بالدليل وكيفية الأخذ فيه. ومقامنا أيضا كذلك ، لا بد في شمول دليل الاستصحاب من صدق عنوان النقض والمضي عرفا ، وهو متقوم ببقاء الموضوع عرفا.
قاعدة المقتضي والمانع :
ثم بعد ما عرفت اعتبار اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة في صدق عنوان نقض اليقين بالشك ، وعنوان المضي على اليقين ، عرفت عدم شمول أخبار الاستصحاب لقاعدة المقتضي والمانع ، وذلك لعدم تعلق الشك فيها بما تعلق به اليقين ، وانما تعلق اليقين بوجود المقتضي ، والشك بوجود المانع ، فإذا صب الماء على الجسد للغسل واحتمل وجود المانع ، كان الصب وهو المقتضي متيقنا ،