ونقول : ما ذكر وان كان متينا ، إلّا انه انما يتم في مرحلة حدوث الحكم وثبوته ، فالموضوع الّذي يثبت له الحكم في لسان الدليل هو ما يراه العرف موضوعا ، إلّا أنه لا يتم في مرحلة البقاء الّذي هو محل الكلام ، فان الترديد انما هو في ان عنوان نقض اليقين بالشك ، أو المضي على طبق الحالة السابقة المتقوم ببقاء الموضوع ، هل هو ببقاء ما أخذ موضوعا في لسان الدليل فقط ، فيصدق هذا العنوان بمجرد بقاء موضوع الدليل ، أو هو ببقاء ما يراه العرف موضوعا ولو من القرائن الخارجية أو من مناسبة الحكم والموضوع؟ فالترديد في محله.
توضيحه : ان الحكم الواحد يمكن ان يختلف بحسب الإلقاء ولسان الدليل ، فنجاسة الماء المتغير تارة : تلقى بجملة حملية ، فيقال : الماء المتغير ينجس ، وأخرى : بجملة شرطية ، فيقال : الماء ينجس إذا تغير ، وهكذا وجوب القصر على المسافر. وبحسب اللب والواقع وان لم يكن فرق بين الكيفيتين ، لرجوع القضية الشرطية بحسب الواقع إلى القضية الحقيقية وكذا العكس ، إلّا ان الموضوع للحكم على الأول هو عنوان المتغير ، وعلى الثاني نفس الماء ، والتغيير يكون شرطا ، أي علة لثبوت الحكم له ، ولذا التزمنا بثبوت المفهوم للجملة الشرطية ، ولم نلتزم به في الوصف ، خصوصا إذا لم يكن معتمدا على الموصوف ، بل كان من قبيل المشتق ، فثبوت الحكم للموضوع بحسب الدليل ومرحلة الإثبات تختلف.
وعليه فان كانت العبرة بلسان الدليل ، لا بد وان يفصل في جريان الاستصحاب بعد زوال التغير بين الفرضين ، فعلى الأول لا مجال لجريانه ، لتبدل الموضوع ، وعلى الثاني يجري. إلّا ان العرف يفهم من الدليل بملاحظة القرائن ان موضوع النجاسة دائما هو الماء ، فالنجاسة كالتغير عارضة له ، إذ لا معنى لعروضها على التغير ، فلو كانت العبرة في صدق نقض اليقين بالشك ببقاء الموضوع بنظره لا يفرق بين القسمين ، فيجري الاستصحاب على كلا التقديرين. وهكذا إذا