وقد ظهر بما بيناه صحة التمسك بهذه الصحيحة على حجية الاستصحاب ، بل هي أظهر من سابقتها ، لصراحتها في التعليل.
الثالثة : مضمرة ثالثة لزرارة عن أحدهما «قال : قلت له : من لم يدر هو في أربع أو في ثنتين ، قال : يركع ركعتين ، وأربع سجدات ، وهو قائم بفاتحة الكتاب ، ويتشهد ، ولا شيء عليه. وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع ، وقد أحرز الثلاث ، قام فأضاف إليها أخرى ، ولا شيء عليه. ولا ينقض اليقين بالشك. ولا يدخل الشك في اليقين. ولا يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنه ينقض الشك باليقين ، ويتم على اليقين ، فيبني عليه ، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات» (١).
والحديث تعرض أولا : لمسألة الشك بين الاثنتين والأربع بعد إحراز الأوليين ، فحكم عليهالسلام بالإتيان بركعتين ، والظاهر كونهما منفصلتين ، بقرينة فاتحة الكتاب ، كما نسب ذلك إلى العامة.
وثانيا : لمسألة الشك بين الثلاث والأربع ، وحكم فيها بإتيان الرابعة.
وتقريب الاستدلال به على الاستصحاب ان المصلي في مفروض السؤال كان متيقنا بعدم الإتيان بالركعة الرابعة ، فشك فيه ، فأمره عليهالسلام بالبناء على اليقين ، وعدم نقضه بالشك.
وأورد عليه بوجهين :
أحدهما : ان الضمير في قوله عليهالسلام «لا ينقض» الوارد بصيغة المعلوم يرجع إلى المصلي ، فلا يستفاد منه إلّا حجية الاستصحاب في خصوص الشك في عدد الركعات ، بل في خصوص الشك بين الثلاث والأربع ، وليس ذلك تعليلا كما في المضمرتين السابقتين. ولا مشتملا على كلمة (لا ينبغي) ليستفاد منه كبرى كلية ، فيختص بمورده.
__________________
(١) الكافي : ٣ ـ ٣٥٢.