الخامسة تعارض الاستصحاب مع قاعدة اليد :
وأما تقديم قاعدة اليد على الاستصحاب فالوجه فيه : هو أن اليد من الأمارات الناظرة إلى الواقع ، الّذي لم يؤخذ الشك فيها في لسان الدليل ، وقامت السيرة على كونها كاشفة عن الملك ، كما أشير إلى ذلك في قوله عليهالسلام «لولاه لما قام للمسلمين سوق» (١).
وعليه فهي في عرض سائر الأمارات ، ويكون تقدمها على الاستصحاب كتقدم سائر الأمارات عليه. هذا مضافا إلى أنها معارضة بالاستصحاب غالبا ، بل دائما ، فلو قدمنا دليل الاستصحاب عليها لزم تخصيصها بالموارد النادرة ، على ما عرفت في وجه تخصيص دليل الاستصحاب بدليل قاعدة الفراغ.
نعم في بعض الموارد لا تجري قاعدة اليد في نفسها ، فيرجع فيها إلى الاستصحاب ، لا من جهة تقديمه عليها. من تلك الموارد ما إذا أقر المنكر الّذي يكون المال تحت يده بأن يده مسبوق بيد المدعي ، وان المال كان ملكا له فاشتراه منه مثلا ، فان إقراره للمدعي يوجب انقلاب الدعوى ، فيكون المنكر مدعيا وبالعكس ، فلا بد للمقر من إثبات انتقاله إليه ، وليس يده حينئذ أمارة الملك. ولم تثبت السيرة على اعتبارها. كما ليس للرواية إطلاق يعمها ، إذ لا يلزم من عدم حجية مثل هذا اليد اختلال السوق ، فلا تكون معتبرة. ولذا يرجع إلى الاستصحاب ، ولولاه لكان اللازم الرجوع إلى دليل آخر.
ومن تلك الموارد ما إذا كان اليد مسبوقة بحالة سابقة ، ولم تكن مشكوكة كما إذا كان المال تحت يد شخص عدوانا أو عارية مثلا ، ثم ادعى أنه ملكها ، وان يده يد مالكي. وقد ذكر الميرزا قدسسره في وجه تقدم الاستصحاب على اليد في هذا الفرض
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٢٥ من أبواب كيفية الحكم ، ح ٢.