وبعبارة أخرى : التعبد في مورد قاعدة الفراغ انما هو بالصحّة ، ويكون وجود أصل المشكوك مفروض الوجود ، وبعد فرض وجوده يعبدنا الشارع بصحته. والمشكوك في مورد قاعدة التجاوز مفروض العدم ، ولذا يكون التعبد بأصل وجوده. ومن الظاهر ان فرض الوجود وفرض العدم متنافيان ، لا يمكن الجمع بينهما في دليل واحد.
وأجاب (١) عنه الشيخ قدسسره بأن المشكوك في كلا الموردين هو الوجود بنحو مفاد كان التامة ، غايته انه في قاعدة التجاوز هو وجود الجزء ، وفي قاعدة الفراغ وجود المجموع المركب من حيث المجموع. كما أن التعبد أيضا في كلا الموردين متعلق بأصل الوجود بنحو مفاد كان التامة ، غايته في قاعدة الفراغ بوجود العمل الصحيح. فالمشكوك فيه والمجعول في كلتا القاعدتين شيء واحد.
وأورد عليه الميرزا (٢) بوجهين :
أحدهما : ان إرجاع قاعدة الفراغ إلى الشك في وجود المركب من حيث المجموع ، وكون التعبد فيها بوجود العمل الصحيح أي الجامع للشرائط ، خلاف ظاهر دليلها ، كقوله عليهالسلام «ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فأمضه» (٣) فان ظاهره كون أصل العمل مفروغا عنه ، والتعبد انما هو بصحته. بخلاف دليل قاعدة التجاوز ، كقوله عليهالسلام «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء» فانه ظاهر في الشك في أصل وجود الشيء ، وان التعبد يتعلق بأصل وجوده وتحققه ، فإرجاع الأول إلى الثاني يكون من قبيل الأكل من القفا.
ثانيهما : أنه في باب العبادات يترتب الأثر على التعبد بوجود طبيعي العمل
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٠٩ ـ ٧١٠.
(٢) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤٦٥.
(٣) وسائل الشيعة : ١ ـ باب ٤٢ من أبواب الوضوء ، ح ٦.