فكان جملة من الشيعة في ذاك العصر يأخذون الفتاوى والأحكام من الفقهاء ، وكان ذلك بمرأى من الأئمة عليهمالسلام ومنظر ، ولم يردعوا عنه ، فيعلم من ذلك انه كان موردا لقبولهم عليهمالسلام فلا نحتاج في جواز التقليد إلى التمسك بالآيات والروايات ، مضافا إلى انّها أيضا دالة عليه.
وثانيا : الأخبار ، مثل ما ورد من إرجاع الناس إلى بعض الثقات في أخذ معالم الدين منهم (١) ، فانه يعم نفس الرواية والإفتاء. وقوله عليهالسلام لبعض أصحابه اجلس في الناس وأفت فيهم إلى غير ذلك. وقوله عليهالسلام في التوقيع «من كان من الفقهاء صائنا لنفسه» إلى قوله عليهالسلام «فللعوام أن يقلدوه» (٢).
وثالثا : الآيات ، كقوله سبحانه وتعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٣) فان أهل الذّكر في الآية وان فسر بعلماء أهل الكتاب تارة ، وبالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخرى ، وبالأئمة عليهمالسلام ثالثة ، إلّا انه لا يوجب اختصاصه بذلك. وقد ورد في عدة من الروايات ان الآية إذا كانت واردة في مورد خاص أو في طائفة خاصة لا تختص بهم ، وإلّا لماتت بموتهم ، بل تجري مجرى الشمس والقمر ، وقد ذكرت هذه الأخبار في مقدمة تفسير البرهان.
وعليه فلا يوجب تفسير أهل الذّكر الاختصاص ، بل يكون المراد به في معرفة أوصاف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علماء أهل الكتاب ، وفي معرفة الأحكام النبي والأئمة عليهمالسلام فانهم من أظهر أفراده ، وفي المرتبة الثانية الفقهاء المجتهدين. وقوله سبحانه وتعالى (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٤)
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٧ وح ٣٣.
(٢) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٠.
(٣) النحل : ٤٣.
(٤) التوبة : ١٢٢.