لدينا ، لكوننا منهم ، ولا نرى فيه ملاكا أصلا ، إذ ليس للحدوث كاشفية عن البقاء ، كما لا يلزم من عدمه اختلال نظامهم ، ولذا لم يختل نظام أمور من لا يقول بحجية الاستصحاب.
وبهذا ظهر فساد ما ذكره المحقق النائيني من ان العمل على وفق الحالة السابقة بإلهامه تعالى حفظا لنظام البشر عن الاختلال (١).
وأما من حيث الكبرى ، فلا ينبغي الشك في ان السيرة إذا كانت ثابتة فهي حجة ، لعدم ردع الشارع عنها مع تمكنه منه ، فهو إمضاء لها ، كما هو الشأن في بقية موارد ثبوتها.
وما أفاده المحقق الخراسانيّ من صلوح الآيات الناهية عن العمل بالظن للردع عنها (٢) يناقض تمسكه بالسيرة لحجية خبر الواحد ، فانه ذكر بعد احتمال اختصاص الآيات بالأصول عدم صلاحيتها للردع (٣) ، لاستلزامه الدور ، كما لا تصلح السيرة لتخصيص عمومها. وذكرنا هناك ان الآيات بما انها إرشاد إلى ما استقل به العقل من لزوم تحصيل الأمن من العقاب كما هو ظاهر قوله سبحانه (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ)(٤) حيث وصفهم عزّ شأنه بأنهم مأمونون دائما ، والمؤمن هو اليقين بالواقع ، أو بما هو مؤمن ظاهرا ، فلا تصلح للردع عما قامت السيرة على اعتباره ، فانه مؤمن لا محالة ، وخارج عنها بالتخصص. هذا مع ان المتيقن تخصيص العام اللاحق بالخاص السابق ، وليس العام المتأخر ناسخا ولا رادعا عن الخاصّ المتقدم عند الدوران ، على ما بين في محله.
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٣٥٧.
(٢) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٨٠.
(٣) المصدر السابق : ٩٩.
(٤) الدخان : ٥١.