ويقع الكلام أولا فيما إذا شك في الجزء الأخير من العمل ، كالتسليم في الصلاة ، وصورة ثلاثة. فانه تارة : يكون الشك في التسليم قبل الدخول في عمل أصلا ، كما إذا اعتقد أنه سلم ثم تبدل اعتقاده بالشك فيه ، أو بعد الدخول في عمل مباح ، أو مستحب غير مترتب عليه ، كالاشتغال بالكتابة أو قضاء حوائج الإخوان أو نحوه. وأخرى : يكون الشك فيه بعد الدخول في التعقيب ونحوه مما هو مترتب عليه شرعا. وثالثة : يكون بعد الإتيان بالمنافي ، ولو مثل السكوت الطويل.
أما في الصورة الأولى : فلا بد من الإتيان بالتسليم ، لعدم صدق المضي ، ولا التجاوز عنه ، لاحتمال كونه في الصلاة ، وعدم فوات محل التسليم.
وقد ذهب الميرزا إلى صدق كلا العنوانين. أما المضي ، فلأنه يصدق عند مضي معظم الأجزاء ، والمفروض تحققه في الفرض. وأما التجاوز ، فلأنه اكتفى في صدقه بالدخول في مطلق الغير ولو لم يكن مترتبا ، وهو متحقق أيضا.
وفيه : ان التجاوز عن ما شك في وجوده لا يكون إلّا بعد التجاوز عن محله ، والمفروض عدم فوات محل التسليم. والمضي عن المركب لا يكون إلّا بمضي جميع اجزائه ، وفي الفرض يحتمل بقاء بعضها.
نعم بناء على ما ذكره بعضهم من ان المراد بالمضي هو المضي الاعتقادي ، وإلّا لم يمكن إحراز المضي الحقيقي مع الشك في الإتيان ببعض ما يعتبر فيه في مورده أصلا. يمكن دعوى مضيه في المقام ، إلّا أنه في نفسه غير تام ، فان ظاهر المضي هو المضي الحقيقي ، غايته أعم من المضي صحيحا أو فاسدا ، كما يستفاد العموم من نفس الأدلة ، حيث أطلق فيها المضي مع فرض الشك في الصحة واحتمال الفساد ، فلا بد وان يكون المضي أعم من الفاسد والصحيح. فلا يصدق عنوان المضي في محل الكلام ، كما لا يصدق التجاوز أيضا.