وأما الصورة الثانية (١) : فكذلك لا يصدق فيها التجاوز ولا المضي.
ولكن الميرزا ذهب فيها إلى صدق التجاوز عن التسليم. وذكر ان الفقيه يشرف على القطع بأن لواحق الصلاة بمنزلة (٢) اجزائها ، لما ورد في مقدمات الصلاة كالأذان والإقامة ، وأن الشك في الأذان بعد الدخول في الإقامة لا يعتنى به.
وفيه : ما لا يخفى ، فان صدق التجاوز عن الشيء بالدخول في غيره انما يكون فيما إذا اعتبر تقدمه عليه ولو استحبابا ، كما في الأذان والإقامة ، فان الأذان الوارد اعتبر فيه التقدم على الإقامة ، فيصدق التجاوز عنه بعد الشروع في الإقامة على ما في الرواية على القاعدة. وهذا بخلاف التسليم ، حيث لم يعتبر فيه التقدم على التعقيب كتسبيحة الزهراء عليهاالسلام وان اعتبر فيها التأخر استحبابا. فالتسليم والتعقيب من هذه الجهة نظير صلاة الظهر والعصر ، فان قوله عليهالسلام «إلّا ان هذه قبل هذه» (٣) تعبير عن الملزوم بلازمه ، أي كناية عن تأخر العصر عن الظهر ، لا تقدمه على العصر. فلا يقاس التسليم والتعقيب بالأذان والإقامة ، فليس الدخول في التعقيب إلّا مثل الدخول في أمر مباح أو مستحب أجنبي عن الصلاة ، ولذا لو شك في أصل الصلاة بعد الدخول في التعقيب يجب الاعتناء به بلا خلاف ، لبقاء الوقت ، ولم يتوهم فيه أحد جريان قاعدة الفراغ.
نعم في الصورة الثالثة يصدق المضي إذا كان المنافي منافيا ولو سهوا. وأما المنافي العمدي ، فلا أثر فيه لقاعدة الفراغ من حيث صحة الصلاة ، فانها صحيحة ولو لم تجر القاعدة. وانما يترتب عليها الأثر من حيث الإتيان بالتسليم وسجدتي السهو. وهذا بخلاف ما إذا كان الشك بعد الإتيان بالمنافي ولو سهوا ، فانه يوجب
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤٧٢.
(٢) نفس المصدر : صفحة ٤٦٧.
(٣) وسائل الشيعة : ٣ ـ باب ٤ من أبواب المواقيت ، ح ٢٠.