صحيحة زرارة.
وأما إذا شك في صحة بعض اجزائه بعد التجاوز عنه جرت فيه قاعدة الفراغ ، لما عرفت من ان عموم دليلها يقتضي جريانها عند الشك في صحة الأجزاء أيضا. إلّا إذا شك في صحة غسل الوجه أو اليدين ، من جهة الشك في أنه غسله بالماء المطلق أو بغيره ، فانه لا تجري فيه قاعدة الفراغ ، لا لقصور في دليلها ، بل لصحيحة زرارة ، حيث صرح فيها بلزوم الاعتناء بالشك فيما سماه الله إذا كان في الأثناء ، والغسل بالماء المطلق مما سماه الله بقوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)(١) فانه ظاهر في وجوب الغسل بالماء ، فهو مما سماه سبحانه في كتابه ، فالشك فيه مما يعتنى به. وهذا بخلاف ما إذا شك من غير جهة الغسل بالماء ، كما إذا شك في صحة غسل اليدين ، لاحتمال كونه منكوسا ، فتجري فيه قاعدة الفراغ ، لعدم كون هذا الشرط مما سماه الله تعالى في كتابه ، فان قوله سبحانه : (إِلَى الْمَرافِقِ) قيد للمغسول لا غاية للغسل ، وانما نعتبر الغسل من الأعلى إلى الأسفل للروايات الدالة عليه. ولو كان القيد غاية للغسل لزم طرح الروايات ، لمخالفتها للكتاب. وهكذا قوله سبحانه (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)(٢) فان القيد غاية للممسوح لا للمسح ، ولذا ذهب المشهور إلى جواز المسح من الكعب إلى الأصابع.
وبالجملة الشك في صحة جزء من اجزاء الوضوء إذا لم يكن مما سماه الله تعالى يكون موردا لقاعدة الفراغ.
وقد يناقش في ذلك لموثقة ابن أبي يعفور ، حيث يظهر منها عدم الاعتناء بالشك في صحة أجزاء الوضوء إذا لم يكن بعد الدخول في غير الوضوء والفراغ عنه.
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) المائدة : ٦.