الاستصحاب فيه إذا احتمل ارتفاعه ، بزعم ان الميزان في الضرر بالظن ، وهو يحصل بالاستصحاب (١).
وفي كلا شقي كلامه نظر. أما ما ذكره من استثناء الضرر ففيه :
أولا : ان الاستصحاب لا يفيد الظن الشخصي ، كما صرح به الشيخ قدسسره نفسه ، ولا الظن النوعيّ كما بيناه.
وثانيا : ان الميزان في الضرر غالبا خوفه ، لا الظن به ، وهو يحصل بنفس الاحتمال العقلائي من دون احتياج إلى الاستصحاب.
وأما ما ذكره في وجه عدم جريان الاستصحاب في غير الضرر مما أخذ في موضوع الحكم المستكشف بدليل العقل ، فلم يكن مترقبا من الشيخ قدسسره ، لأن تبعية حكم الشرع لحكم العقل إنما هي في الأحكام الكلية والكبريات ، لا في الأحكام الجزئية وتطبيقها على الصغريات ، بل ليس للعقل فيها حكم أصلا ، وإنما شأنه إدراك الأحكام الكلية ، وأما اتصاف الفعل الخاصّ الصادر من الشخص المعين بالحسن أو القبح فإدراكه ليس من شأنه ، إذ لا طريق للعقل إلى إحراز قصد الفاعل وداعيه ، الّذي به يختلف حسن الفعل وقبحه.
وعليه فإذا حكم العقل بحسن إكرام العالم العادل ، واستكشفنا به وجوبه شرعا ، وكان زيد متصفا بالصفتين ، ثم احتملنا زوال علمه أو عدله ، فشككنا في بقاء وجوب إكرامه ، نستصحب بقاء اتصافه به ، ويترتب عليه وجوب إكرامه.
وبالجملة لا فرق في جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية أو الجزئية في نفسها أو موضوعها بين ما إذا كان الحكم مستكشفا من الكتاب أو السنة أو من حكم العقل ، لصدق عنوان نقض اليقين بالشك عرفا في جميع ذلك على حد سواء.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٥٤ ـ ٥٥٥ (ط. جامعة المدرسين).