وأجاب في الكفاية (١) عن الإشكال بما حاصله : أن أدلة الاستصحاب ناظرة إلى مرحلة البقاء والتعبد به على تقدير الحدوث ، فإذا تنجز حدوثا تنجز بقاء ، وان كان ذلك ببركة الاستصحاب والملازمة بين الحدوث والبقاء.
ثم أورد على نفسه بأنه كيف يمكن ذلك؟! وقد أخذ اليقين في دليل الاستصحاب. فأجاب أنه أخذ مرآة وكاشفا عن الواقع.
ونقول : ما ذكره لا يمكن المساعدة عليه.
أما كون اليقين مأخوذا على نحو الطريقية ، ففيه : أنه طريقي بالإضافة إلى متعلقه ، وموضوعي إلى الاستصحاب ، كعنوان الشك المأخوذ فيه ، فلا وجه لا لقائه وجعل الاعتبار بالواقع. ويؤكد ذلك اسناد النقض إليه على ما أوضحناه من ان المراد به رفع اليد عن الأمر المبرم بغير المبرم ، فظاهر الأدلة اعتبار تحقق الصفتين في جريان الاستصحاب.
وأما ما ادعاه من ان مفادها الملازمة بين الحدوث والبقاء ، فان أراد بها الملازمة الواقعية ، كالملازمة الثابتة بين النهي والإفطار بقوله عليهالسلام «وكلما أفطرت قصرت» بأن تكون الروايات اخبارا عن الملازمة.
ففيه : مضافا إلى القطع بعدم الملازمة كذلك بين الثبوت والدوام ، ومخالفته لظاهر الأخبار ، أنه عليه يكون اخبار الأمارة عن حدوث شيء اخبارا عن بقائه بالالتزام بعد ثبوت الملازمة شرعا ، سواء كان المخبر ملتفتا إلى الملازمة أم لم يكن ، كما سيتضح في بحث المثبت ، فيكون البقاء مفاد الأمارة لا الأصل ، فلا بد من حجية مثبتاته ولوازمه العقلية ، وهو لا يقول به.
وإن أراد بها الملازمة الظاهرية الراجعة إلى جعل منجز الحدوث منجز البقاء تعبدا.
__________________
(١) المصدر السابق.