ولكن يرد عليه : أوّلا : أنّ الإشارة اللفظيّة وإن كانت مقترنة بالإشارة العمليّة في أكثر الموارد ، مع أنّه لا كلّيّة لها ، وهي تأكيد لها ، فإنّا نرى بالوجدان تحقّق إشارة لفظيّة مستقلّة ، ولم يلتزم أحد بعدم صحّة هذا الاستعمال أو مجازيّته.
وثانيا : أنّ الضمائر وأسماء الإشارة لا تنحصر بباب التكلّم فقط ، بل يستفاد منها في مقام الكتابة أيضا ، ولا معنى لاقترانها هاهنا.
وثالثا : أنّ لازم اقترانها بها دائما ـ مع أنّ الإشارة العمليّة مستقلّة في تحقّقها ـ أن تكون الإشارة اللفظيّة تأكيدا لها ، فكلمة «هذا» ـ مثلا ـ وضعت لتأكيد الإشارة.
والحاصل : أنّ كلّا منهما مستقلّة من حيث التحقّق ، وقد يجتمعان للتأكيد ، ولا ريب في أنّ مدلول حركة اليد ومفاد الإشارة العمليّة لا يكون المفرد المذكّر ، بل حركة نحو المشار إليه ، عمل وفعل يدلّ على الإشارة ، والدالّ هو الفعل ، والمدلول هي واقعيّة الإشارة ، كأنّه وضع بالوضع الطبيعي للدلالة على الإشارة ، وهي معنى حرفي تتقوّم بشخصين : المشير والمشار إليه ، وهكذا مدلول «هذا» ومفاد الإشارة اللفظيّة ، فإنّه أيضا يدلّ على الإشارة بلا فرق بينهما ، إلّا أنّه أخذ في مشار إليه كلمة «هذا» الخصوصيّتين ـ أعني : كونه المفرد المذكّر والحاضر ـ ولكن لا ربط لهما في حقيقة المعنى كما يؤيّده ابن مالك بقوله: «بذا لمفرد مذكّر أشر».
وأمّا ما قال به المحقّق الخراساني قدسسره : من أنّ كلمة هذا وضع لكلّي المفرد المذكّر ، فهو مخالف لفهم العرف منه ، ويخالف ما يفهم من سائر مرادفاته في باقي اللّغات ، ولا يكون بينهما اتّحاد مفهومي ولا اتّحاد من حيث الماهيّة.