ويمكن أن يقال : إنّ الصحّة وصف من الأوصاف فلا بدّ من لحاظ موصوفها قبل الاتّصاف بها ، فلا بدّ للشارع في مقام وضع لفظ الصلاة للأركان المخصوصة الصحيحة من لحاظ الأركان المخصوصة ابتداء ، فهي تصير بسبب التصوّر موجودة ، فلا مانع بعد الوجود من وقوعها معروضة للصحّة.
وفيه : أنّ الصلاة الموجودة في الذهن لا تتّصف بالصحّة ـ كما مرّ آنفا ـ إنّما المعروض للصحّة عبارة عن الموجود الخارجي فقط ، ولكنّ المفروض فيما نحن فيه أنّ الواضع لاحظ ماهيّة كلّيّة ووضع لفظ الصلاة لها ، إلّا أنّه لا نعلم أنّ الملحوظ حين الوضع ما هو؟ هل هو عبارة عن الأركان المخصوصة أو الأركان المخصوصة الصحيحة؟ والثاني منفي بعدم اتّصاف الصلاة بالصحّة في مرتبة الماهيّة قبل تحقّقها في الخارج ، والأوّل خلاف الفرض.
فلعلّ تفسير المحقّق الخراساني قدسسره الصحّة بالتماميّة والفساد بالنقصان كان ناظرا إليه وتفصّيا عنه ؛ إذ التماميّة والنقصان يعرضان للماهيّة أيضا ، ولذا يصحّ القول بأنّ الماهيّة التامّة للإنسان عبارة عن الحيوان الناطق ، وأنّ الحيوان ماهيّة ناقصة له ، كالقول بأنّ الحيوان بعض ماهيّة الإنسان. فهذا المعنى مقرّب لتفسيره قدسسره الصحّة بالتماميّة والفساد بالنقصان ، فلا بدّ لنا من تبديل لفظي الصحيح والأعمّ في عنوان البحث بلفظي التامّ والناقص ، أو تفسيرهما بالتمام والنقصان.
الأمر الثالث : ما ذكره صاحب الكفاية في آخر البحث وكان المناسب أن يذكره هنا ، وهو : أنّ للعبادات امورا يعبّر عنها بالأجزاء والشرائط والموانع أو القواطع ، وهل الصحيح في محلّ النزاع عند القائل به عبارة عن الواجد لجميع الأجزاء والشرائط والفاقد لجميع الموانع أو القواطع ، أم يكون للصحيح في