الإشكال الخامس : أنّه قد مرّ فيما ذكرنا أنّ الشرائط على أقسام بعضها داخلة في المسمّى ، وبعضها الآخر خارجة عنه ، فالصحّة التي ادعيت في مقام الوضع والتسمية عبارة عن الصحّة من حيث الأجزاء وبعض الشرائط ، وأمّا ما يترتّب عليه الأثر فعبارة عن الصحّة من حيث الأجزاء وجميع الشرائط ، فإنّ الصلاة إذا ابتليت بمزاحم أقوى أو لم يقصد بها التقرّب لم تكن ناهية عن الفحشاء ، فما يترتّب عليه الأثر بالفعل لم يوضع له اللفظ قطعا ، وما وضع له اللفظ يكون جامعا بين الأفراد الصحيحة والفاسدة جميعا بناء على هذا التصوير.
لكنّ الظاهر أنّه قدسسره ليس قائلا بالتفصيل بين الشرائط ، بل صرّح باعتبار الشرائط كالأجزاء في التسمية ، إلّا أنّه استبعد منه القول بدخالة ما هو متأخّر عن الأمر في مقام التسمية ، ولذا استشكل عليه ، فلا يمكن المساعدة على هذا التصوير.
وقال الشيخ ضياء الدين العراقي قدسسره (١) في مقام تصوير الجامع : إنّ الجامع إمّا أن يكون جامعا ذاتيّا مقوليّا أو جامعا عنوانيّا اعتباريّا ، والالتزام بكلّ واحد منهما مشكل. أمّا الجامع الذاتي المقولي فهو منحصر في الماهيّة والمقولة الواحدة إذا كانت لها أفراد متعدّدة ، مثل أفراد الإنسان فإنّها مشتركة في ماهيّة واحدة وجامع واحد ـ وهي الإنسانيّة ـ وهو غير معقول في ما نحن فيه ؛ لأنّ الصلاة ـ مثلا ـ مؤلّفة من مقولات متباينة كمقولة الكيف والوضع ونحوهما ، والمقولات أجناس عالية وليس فوقها جنس تندرج تحته ، فلم يمكن جامع ذاتي بين أجزاء مرتبة واحدة من الصلاة ، فضلا بين بقيّة المراتب المختلفة
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ١٤٤ ، نهاية الأفكار ١ : ٨١ ـ ٨٤.