الأمر ، كما صرّح به قدسسره آنفا.
قال المحقّق القمي (١) صاحب القوانين قدسسره : إنّ الاستعلاء عبارة عن تغليظ القول. ومن المعلوم أنّه مساوق للإيجاب والطلب الوجوبي.
ولا يخفى على أحد مغايرة معنى الاستعلاء والإيجاب ؛ إذ الإيجاب والاستحباب نوعان من الطلب ، وأمّا الاستعلاء فهو الاتّكاء بالعلو ولو لم يكن في الواقع عاليا ، وهو يتحقّق بعدم تغليظ القول أيضا. نعم ، يمكن أن يكون في بعض الموارد تغليظ القول أمارة للاستعلاء.
وقال بعض : إنّ أحد الأمرين على سبيل منع الخلو ، إمّا علوّ الطالب واقعا ، وإمّا استعلاؤه كاف في صدق الأمر ، واستدلّ لكفاية الاستعلاء في صدقه بأنّ العقلاء يقبّحون السافل المستعلي الذي يأمر العالي ، ويذمّونه بأنّك لم تأمر العالي؟ فإطلاقهم الأمر على طلب السافل المستعلي يدلّ على كفاية استعلاء الطالب في صدق الأمر وعدم اعتبار العلو الواقعي فيه ، وإلّا يذمّونه بأنّك لم تستعلي على العالي.
وجوابه : أنّ التقبيح إنّما هو على استعلائه على العالي لا على أمره حتّى يقال : إنّ التقبيح على هذا الأمر يكشف عن عدم اعتبار العلوّ الواقعي في صدقه ، وإطلاق الأمر على طلبه في مقام توبيخه إنّما هو بحسب مقتضى استعلائه ، فإنّه يعلم أنّ للعلو دخلا في الأمر ، ويعلم أيضا أنّه فاقد لذلك ، فلذا يأمر السافل اتّكاء على العلوّ الادعائي والتخيّلي ، فيكون إطلاق الأمر على طلب المستعلي السافل مجازا ؛ لمناسبته صورة الأمر الحقيقي ، فلا يكفي الاستعلاء بدون العلوّ في صدق الأمر.
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٨١.