خمر في الإناءين ، ثمّ علم تفصيلا بأنّ الخمر في الإناء من الطرف الأيمن ، فلا محالة يرتفع الترديد حينئذ ، وتنقلب القضيّة المردّدة إلى قضيّة بتّية وقضيّة مشكوكة ، فيقال : «هذا خمر قطعا» و «ذاك مشكوك الخمريّة».
إن قلت : صحيح أنّه بعد العلم التفصيلي بخمريّة أحد الإناءين ينحلّ العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي ، إلّا أنّه يحتمل أن يكون المعلوم بالإجمال هو نفس المشكوك فيه.
قلت : هذا الاحتمال لا يضرّ بالانحلال ، وذلك لأنّ المضرّ هو احتمال انطباق المعلوم بالإجمال بوصف كونه معلوما بالفعل على الطرف المشكوك ، لا احتمال انطباق ما كان معلوما إجمالا في السابق الذي هو معدوم فعلا ؛ للعلم التفصيلي بأحد الطرفين ، فإنّه لا أثر لهذا الاحتمال أصلا.
والتحقيق : أنّ كلامه قدسسره مع تماميّته في بيان المعيار والملاك للانحلال الحقيقي لا يشمل جميع فروض مورد البحث هنا.
بيان ذلك : أنّه إذا تحقّق العلم التفصيلي بأحد الطرفين بعد تحقّق العلم الإجمالي أو تحقّق العلم الإجمالي الصغير بعد تحقّق العلم الإجمالي الكبير يتحقّق ملاك الانحلال الحقيقي المذكور وإن احتمل مغايرة المعلوم بالتفصيل أو المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغير للمعلوم بالإجمال في العلم الأوّل ؛ لزوال العلم الإجمالي فيهما عن صفحة النفس حقيقة.
وأمّا إذا تحقّقت حجّة شرعيّة على أحد الطرفين بعد العلم الإجمالي ـ كالبيّنة في الشبهات الموضوعيّة ، أو الأمارة الشرعيّة في الشبهات الحكميّة ، أو الاصول العمليّة ـ فلا يتحقّق ملاك الانحلال الحقيقي ؛ لعدم حصول العلم بمفاد الأمارة ومجرى الاصول العمليّة حتّى يزول العلم الإجمالي عن صفحة النفس ،