كونها بلسان الوضع أو بلسان الأمر بالتقريب المتقدّم في كلامه وإن كان هذا التقريب محلّ نظر من وجوه ، كما عرفت.
ويرد على الوجه الثالث : ما حقّقناه من الامور المتقدّمة التي نتيجتها أنّ حديث الرفع كالاستثناء بالنسبة إلى الأدلّة الأوّليّة الدالّة على الأجزاء حيث إنّه يخصّصها ويقيّدها بحال الذكر ، ولازم ذلك كون المأمور به في حقّ الناسي هي الطبيعة المنطبقة على الناقصة ، ومع الإتيان بالمأمور به لا معنى لعدم الإجزاء ، كما هو واضح.
فانقدح من جميع ما ذكرنا : أنّ مقتضى الأصل الشرعي كالأصل العقلي هو الاجتزاء بالمركّب الناقص وعدم لزوم الإعادة ، سواء كان النسيان مستوعبا للوقت أم لم يكن.
وقد عرفت أيضا : أنّ قياس المقام بما إذا لم يأت بالمأمور به رأسا في النسيان الغير المستوعب ، حيث إنّه يجب الإتيان به بعد زوال النسيان قطعا ، قياس مع الفارق ؛ لأنّ في المقام قد أتى بما هو المأمور به واقعا ، غاية الأمر أنّ دائرته محدودة في حال النسيان بالبقية ، وهذا بخلاف ما إذا لم يأت به أصلا ، فإنّه لم يأت بشيء حتّى نحكم بالإجزاء ، كما هو واضح.
المقام الثالث : في حال الزيادة العمديّة أو السهويّة
وليعلم أنّ تحقّق زيادة الجزء في المأمور به بما هو مأمور به ممّا لا يتصوّر بنظر العقل ، وليست الزيادة كالنقيصة ؛ لأنّك قد عرفت سابقا أنّ الجزئيّة إنّما تنتزع من تعلّق أمر واحد بالمجموع المركّب من عدّة أشياء ملحوظة أمرا واحدا ، كما أنّ منشأ انتزاع الكلّيّة أيضا هذا المعنى ؛ لأنّ الكلّيّة والجزئيّة من الامور المتضايفة التي لا يعقل تحقّق واحد منهما بدون الآخر.