المقام الثاني : فيما يقتضيه الأصل الشرعي في النقيصة السهويّة
اعلم أنّ مورد البحث في هذا المقام ما إذا كان للدليل المثبت للجزئيّة إطلاق يشمل حال النسيان أيضا ، بحث لو لم يكن مثل حديث الرفع (١) في البين لكنّا نحكم بعدم الاكتفاء بالمركّب الناقص المأتي به في حال النسيان ؛ لكونه فاقدا للجزء المعتبر فيه مطلقا ، غاية الأمر أنّ محلّ البحث هنا : أنّه هل يمكن تقييد إطلاقات أدلّة الأجزاء بمثل حديث الرفع المشتمل على رفع النسيان حتّى يكون مقتضاه اختصاص الجزئيّة بحال الذكر وكون المركّب الناقص مصداقا للمأمور به أم لا؟ ولا يخفى أنّه لا بدّ في إثبات أجزاء المركّب الناقص أوّلا من الالتزام بكون حديث الرفع قابلا لتقييد إطلاقات أدلّة الأجزاء ، وثانيا من إثبات كون الباقي مصداقا للمأمور به ؛ لأنّه تمامه. وتنقيحه ليظهر ما هو الحقّ يتمّ برسم امور :
الأوّل : أنّك قد عرفت في إحدى مقدّمات الأقلّ والأكثر في الأجزاء أنّ المركّبات الاعتباريّة عبارة عن الأشياء المتخالفة الحقائق ، غاية الأمر أنّه لوحظ كونها شيئا واحدا وأمرا فاردا لترتّب غرض واحد على مجموعها ، وعرفت أيضا أنّ الأمر المتعلّق بالمركّب الاعتباري أمر واحد ، غاية الأمر يدعو إلى كلّ واحد من الأجزاء بعين دعوته إلى المركّب ؛ لأنّها هو بعينه ، ولا تغاير بينهما إلّا بالاعتبار ، ولا تتوقّف دعوته إلى جزء على كون الجزء الآخر أيضا مدعوّا ، بل دعوته إلى كلّ واحد من الأجزاء في عرض دعوته إلى الآخر ، ولا تكون مرتبطة بها ، كما لا يخفى.
الثاني : أنّ تقييد إطلاقات أدلّة الأجزاء بمثل حديث الرفع يكون مرجعه
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٦٩ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ١.