مباحث الظنّ
هل يمكن للشارع جعل المظنّة أو الظنّ الخاصّ حجّة أم لا؟ أو أنّ التعبّد بالظنّ مستلزم للاستحالة وقوعا أم لا مع عدم استحالته في نفسه؟ والمسألة اختلافيّة ، والمشهور قائل بإمكانه ، وابن قبة وتابعيه يقولون بامتناعه ، واستدلّ المشهور على ذلك بأنّا نقطع بأنّه لا يلزم من التعبّد بالظنّ محال ذاتي أو عرضي.
وأشكل على هذا التقريب الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) بأنّ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة ، وعلمه بانتفاء الجهات المقبّحة في التعبّد بالظنّ ، وهو غير حاصل فيما نحن فيه ، فالأولى أن يقرّر دليل الإمكان هكذا : إنّا لا نجد في عقولنا بعد التأمّل ما يوجب الاستحالة ، وهذا طريق يسلكه العقلاء في الحكم بالإمكان.
وأورد عليه صاحب الكفاية قدسسره (٢) بامور :
الأوّل : عدم ثبوت سيرة العقلاء على ترتيب آثار الإمكان عند الشكّ في إمكان شيء وامتناعه ، والإمكان في كلام الشيخ الرئيس قدسسره «كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان» يكون بمعنى الاحتمال ، لا في مقابل
__________________
(١) الرسائل : ٢٤.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٤٣.