والتحقيق في الجهة الثانية أيضا عدم صحّة الاستدلال بالرواية على البراءة في الشبهات البدويّة الموضوعيّة ، فإنّ الظاهر منها كون القسمين من الحلال والحرام مورد الابتلاء بالفعل ، وهذا لا يتصوّر إلّا في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، والرواية في صدد جعل الترخيص في أطراف العلم الإجمالي كما سيأتي توضيحه في باب الاشتغال.
الدليل الثالث : الإجماع
لا يخفى أنّ ما ينفع منه في المقام هو إجماع كافّة العلماء من الاصوليّين والأخباريّين على البراءة في الشبهة الحكميّة ، وواضح أنّه لم ينعقد الإجماع على هذا الوجه ، بل هو مقطوع العدم ، فإنّ جلّ الأخباريّين ذهبوا إلى وجوب الاحتياط فيها ، ولا يمكن دعوى عدم قدح مخالفتهم في تحقّق الإجماع مع كونهم من العلماء الأجلّاء.
ثمّ إنّ هذا الإجماع على فرض انعقاده ليس إجماعا تعبّديّا كاشفا عن رأي المعصوم عليهالسلام بل هو إجماع مدركي ، فلا بدّ من الرجوع إلى نفس المدرك.
الدليل الرابع : العقل
والبحث عنه يقع في جهات ثلاث :
الاولى : في تماميّة قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو عدم تماميّتها في نفسها؟
الجهة الثانية : في ملاحظتها مع قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.
الجهة الثالثة : هل أنّها تعارض أدلّة الاحتياط أو محكومة لها؟
أمّا الجهة الاولى : فلا شكّ في استقلال العقل بقبح العقاب والمؤاخذة عند عدم البيان أو عدم وصول التكليف إلى العبد ، فيكون العقاب على مخالفته