إذا بقي طرف واحد ، فإنّ الأمارة أيضا قائمة على عدم كونه هو المحرّم ، بل المحرّم كان في ضمن ما ارتكبه.
نعم ، لو كان قصده من أوّل الأمر ارتكاب المحرّم الواقعي بارتكاب الجميع ، وارتكب واحدا منها واتّفق مصادفته للمحرّم الواقعي تصحّ عقوبته عليه ، كما لا يخفى.
كلام المحقّق النائيني رحمهالله في ضابط الشبهة الغير المحصورة
ثمّ إنّ المحقّق النائيني رحمهالله أفاد في بيان ضابط الشبهة الغير المحصورة ما ملخّصه : إنّ ضابط الشبهة الغير المحصورة هو أن تبلغ أطراف الشبهة حدّا لا يمكن عادة جمعها في الاستعمال من أكل أو شرب أو نحوهما لأجل الكثرة ، فلا بدّ في الشبهة الغير المحصورة من اجتماع كلا الأمرين : كثرة العدد ، وعدم التمكّن من جمعه في الاستعمال ، فالعلم بنجاسة حبّة من الحنطة في ضمن حقّه منها لا يكون من قبيل الشبهة الغير المحصورة ، لإمكان استعمال الحقّة من الحنطة بطحن وخبز وأكل ، مع أنّ نسبة الحبّة إلى الحقّة تزيد عن نسبة الواحد إلى الألف ، كما أنّ مجرّد عدم التمكّن العادي من جمع الأطراف في الاستعمال فقط لا يوجب أن تكون الشبهة غير محصورة ؛ إذ ربّما لا يتمكّن عادة من ذلك مع كون الشبهة فيه أيضا محصورة ، كما لو كان بعض الأطراف في أقصى بلاد المغرب ، فلا بدّ فيها من اجتماع كلا الأمرين.
ومنه يظهر عدم حرمة المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ المفروض عدم التمكّن العادي منها ، وكذا عدم وجوب الموافقة القطعيّة ؛ لأنّ وجوبها فرع حرمة المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ الوجوب يتوقّف على تعارض الاصول في الأطراف ، وتعارضها يتوقّف على حرمة المخالفة القطعيّة ، ليلزم من جريانها مخالفة عمليّة للتكليف