الموافقة القطعيّة
أمّا بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعيّة فهل يكون العلم الإجمالي مقتضيا له أو علّة تامّة له عند العرف والعقلاء؟ وبعبارة اخرى : هل يجوز الترخيص في بعض الأطراف عرفا بعد جواز ارتكاب الجميع عقلا أم لا؟ والظاهر أنّه لا مانع منه عند العقلاء أيضا ؛ لعدم كونه ترخيصا في المعصية ، إنّما الكلام في أنّه هل يوجد دليل يمكن أن يستفاد منه الترخيص في بعض الأطراف أم لا؟
فنقول : قد عرفت أنّ ما يمكن الاستدلال به للترخيص هو خصوص صحيحة عبد الله بن سنان المتقدّمة ، وأمّا غيرها من الروايات فلا يصحّ الاعتماد عليها بعد وجود الخلل في متنها أو سندها ، وأمّا الصحيحة فقد عرفت أنّها تشمل صورة العلم الإجمالي بناء على كون المراد من الشيء المأخوذ فيها هو مجموع الشيئين اللذين أحدهما حلال والآخر حرام ، فهي تدلّ على حلّيّة ذلك الشيء ـ أي المجموع ـ وحيث إنّها غير قابلة للأخذ بمضمونها ؛ لدلالتها على الإذن في المعصية بحسب متفاهم العرف والعقلاء ، فلا بدّ من رفع اليد عنها ، وليس هنا شيء آخر يدلّ على حلّيّة بعض الأطراف.
نعم ، لو كان الدليل دالّا على حلّيّة كلّ مشتبه لكان للبحث في دلالته على الترخيص في بعض الأطراف مجال ، ولكنّه لم يدلّ دليل معتبر على ذلك عدا