المسألة الثانية
في التجرّي
ولا بدّ قبل الخوض في هذا البحث من ذكر امور بعنوان المقدّمة :
الأوّل : في معنى التجرّي والانقياد بحسب الاصطلاح ، والتجرّي : ارتكاب ما يعتقد كونه حراما مع عدم حرمته بحسب الواقع ، وترك ما يعتقد كونه واجبا مع عدم كونه كذلك واقعا ، والانقياد : موافقة ما يعتقد كونه تكليفا لزوميّا ، مع أنّه ليس كذلك بحسب الواقع في مقابل الإطاعة والعصيان ، مع أنّهما بحسب اللغة أعمّ منهما.
الأمر الثاني : أنّ التجرّي لا يختصّ بالقطع وإن كان هو مصداقه البيّن ، كما إذا ارتكب ما يقطع بحرمته أو خالف ما يقطع بوجوبه ، مع أنّهما لا يكونان كذلك بحسب الواقع ، ولكن ينطبق في مورد الأمارات والاصول العمليّة أيضا ، كما إذا دلّ خبر الواحد المعتبر على وجوب صلاة الجمعة ، وتركها من قام عنده الخبر ، مع أنّها بحسب الواقع ليست بواجبة ، فيصدق هنا عنوان التجرّي ، إلّا أنّ هذا بناء على القول بحجّيّة الأمارات من باب الطريقيّة ، كما هو الحقّ والمشهور عند الإماميّة ، وأمّا على القول بحجّيّتها من باب السببيّة ـ بمعنى إحداث الحكم مطابقا لمؤدّى الأمارة بالنسبة إلى من قام عنده الخبر مثلا ـ فيصدق العصيان