على مخالفته ، فإنّ قيام الخبر على وجوب صلاة الجمعة يجعلها واجبة بالنسبة إليه وهو قد خالفها ، فيتحقّق العصيان.
وأمّا في مورد الأمارات ، مثل : قيام الاستصحاب على وجوب صلاة الجمعة وعدم إتيان المكلّف بما يكون واجبا بمقتضى الاستصحاب ، فلا يصدق هنا عنوان التجرّي ؛ إذ المقصود من الشكّ في «لا تنقض اليقين بالشكّ» هو الشكّ الفعلي الاستقراري ، لا الشكّ المستمرّ إلى الأبد ، فلا بدّ من الالتزام بجعل الحكم المماثل والظاهري في مورد جريان الاستصحاب ، ومعلوم أنّ مخالفة الحكم الظاهري اللزومي معصية ، بلا فرق بين مخالفته للواقع ومطابقته.
وهذا بخلاف قاعدة الطهارة والحلّية لجعلهما تسهيلا وامتنانا على العباد في مشكوك الطهارة والحلّية ، وليس لهما لزوم الموافقة والمخالفة.
الأمر الثالث : أنّ القطع قد يكون طريقيّا وقد يكون موضوعيّا ، والقطع الطريقي ما لم يؤخذ في لسان الدليل وموضوع الحكم ، كما إذا قال الشارع : «لا تشرب الخمر» وحصل القطع للمكلّف بخمريّة مائع في الخارج ، والقطع الموضوعي : ما اخذ في موضوع الحكم ولسان الدليل بعنوان تمام الموضوع أو جزء الموضوع ، كقوله : «لا تشرب مقطوع الخمريّة» ، مثلا : إذا شربه القاطع ، لا يقال له : إنّه متجرّي ، بل يقال له : إنّه عاص ؛ لتحقّق موضوع حكم الشارع وإن لم يكن بحسب الواقع خمرا.
إذا عرفت هذا فيقع البحث في التجرّي ـ بمعنى نيّة المعصية وارتكاب ما لا تكون معصية واقعا ـ مرّة في ترتّب استحقاق العقوبة عليه وعدمه ، واخرى في حرمته وعدمها ، وثالثة في قبحه وعدمه ، ولا إشكال في كون البحث على الأوّل كلاميّا ، كما لا إشكال في كونه بحثا فقهيّا على الثاني ، وأمّا على الثالث