بنجاستهما أو الطرف ، ولم يكن هذا العلم مسبوقا بالعلم بنجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف حتّى لا يجب الاجتناب عن الملاقي ، ولا بالعلم بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف حتّى لا يجب الاجتناب عن الملاقى ، بل حدث من حين حدوثه هكذا ـ أي مردّدا بين المتلاقيين والطرف ـ فيؤثّر في التنجيز على أيّ تقدير ، فافهم واغتنم.
مقتضى الأصل الشرعي في صور الملاقاة
إلى هنا تمّ البحث في حكم العقل ، وأمّا مقتضى الاصول الشرعيّة فقد يقال ـ كما قيل ـ بأنّه لا مانع من جريان أصالة الطهارة في الملاقي ؛ لأنّ طهارة الملاقي ونجاسته مسبّبة عن طهارة الملاقى ونجاسته ، والأصل الجاري في السبب وإن كان حاكما على الأصل الجاري في المسبّب ، إلّا أنّه حيث لا يجري الأصل في السبب ؛ لأنّه يسقط بالمعارضة مع الأصل الجاري في الطرف الآخر ، فلا مانع من جريان الأصل في المسبّب ، فيكون الملاقي ـ بالكسر ـ محكوما شرعا بالطهارة والحلّيّة.
هذا ، ولا يخفى أنّه لم ترد آية ولا رواية على ما ذكروه من أنّ مع جريان الأصل في السبب لا مجال لجريانه في المسبّب ، بل المستند في ذلك هو أنّه مع جريان الأصل في السبب يرتفع الشكّ في ناحية المسبّب تعبّدا ، ومع ارتفاعه في عالم التشريع لا مجال لجريان الأصل فيه أيضا.
ولكن لا يخفى أنّ هذا لا يتمّ بإطلاقه ، بل إنّما يصحّ فيما إذا كان الشكّ في ناحية المسبّب في الأثر الشرعي المترتّب على السبب شرعا ، كالشكّ في نجاسة الثوب المغسول بالماء المشكوك الكرّيّة ، فإنّ مقتضى استصحاب الكرّيّة تحقّق موضوع الدليل الشرعي الذي يدلّ على أنّ الكرّ مطهّر مثلا.