بوقوع القطرة في أحدهما أو في الإناء الثالث يعلم أنّ العلم الإجمالي الحادث أوّلا لم يكن واجدا لشرط التنجيز ؛ لأنّه لم يكن متعلّقا بالتكليف ، لثبوته قبله المنكشف بالعلم الإجمالي الثاني.
وبالجملة ، فالعلم الإجمالي الأوّل وإن كان حين حدوثه متعلّقا بالتكليف ومؤثّرا في تنجيزه بنظر العالم ، إلّا أنّه بعد استكشاف ثبوته قبله بالعلم الثاني يعلم عدم تعلّقه بالتكليف وعدم كونه مؤثّرا في تنجيزه ، كما لا يخفى. وهذا بخلاف المقام ؛ فإنّ العلمين حيث تعلّق أحدهما بوجوب الاجتناب عن الملاقي أو الطرف ، والآخر بوجوب الاجتناب عن الملاقى أو الطرف لا إشكال في تأثيرهما في تنجيز متعلّقهما من حيث هو.
نعم ، قد عرفت الإشكال في تأثير العلم الثاني من ناحية الطرف لا المتلاقيين ، فمن حيث التقدّم والتأخّر من جهة الرتبة لا إشكال في تأثيرهما أصلا ، كما لا يخفى.
فانقدح بذلك وقوع الفرق بين المثال والمقام ، فإنّ هنا لا يكون شيء من العلمين فاقدا لشرط التأثير في التنجيز ؛ لأنّ كلّا منهما تعلّق بتكليف فعليّ ، والتقدّم والتأخّر من جهة الرتبة لا يمنع من ذلك ، وهناك لا يكون العلم الإجمالي الحادث أوّلا متعلّقا بتكليف فعلي بحسب الواقع وإن كان كذلك بنظر العالم ما لم يحدث له العلم الإجمالي الثاني (١).
وممّا ذكرنا يظهر الوجه في وجوب الاجتناب عن المتلاقيين والطرف في الصورة الثالثة المفروضة في كلام المحقّق الخراساني رحمهالله (٢) ؛ لأنّه علم إجمالا
__________________
(١) معتمد الاصول ٢ : ١٥٢ ـ ١٥٤.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٢٢٧.