اختلاف المحذورين من حيث الأهمّيّة مع وحدة الواقعة
أمّا لو كان لأحد الطرفين مزيّة محتملة أو البراءة محقّقة فلا إشكال في وجوب الأخذ به لو كانت المزيّة والأهمّيّة بمثابة تمنع من جريان البراءة حتّى في الشبهات البدويّة ، كما في دوران الأمر بين كون الشخص الموجود في البين نبيّا يجب حفظه أو سابّ نبيّ مهدور الدم ، وكما في دوران امرأة بين كونها زوجته التي حلف على وطئها أو أمّه ، وكما في غيرها من الموارد.
وأمّا لو لم تكن المزيّة بهذه المثابة فهل يستقلّ العقل بتعيّنه كما هو الحال في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في غير المقام ـ كما نفى عنه البعد في الكفاية (١) ـ أو لا يستقلّ بذلك ، بل يحكم بالتخيير أيضا؟
والتحقيق : هو الثاني فإنّ حكم العقل بالاحتياط والأخذ بالمعيّن في دوران الأمر بين التعيين والتخيير ليس قابلا للإنكار ، إلّا أنّ ما نحن فيه لا يكون من مصاديق تلك المسألة ؛ لأنّ مورد دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو ما إذ كان التكليف بنوعه معلوما ، غاية الأمر أنّه شكّ في خصوصيّاته ، وأنّه على نحو التعيين أو على سبيل التخيير ، وحينئذ فيمكن أن يقال : بأنّ مقتضى الشكّ في السقوط بعد الإتيان بالعدل الآخر هو وجوب الاحتياط بالإتيان بما
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٠٧.