ما لا يدرك ولو بعض أجزائه ، لا ما لا يدرك شيء منها ، ولكنّ الظاهر أنّ المراد به هو الكلّ المجموعي في الموضع الأوّل ، وأمّا الموضع الثاني فقد عرفت أنّه لا بدّ من حمله على الكلّ الأفرادي ، فلا مناقشة في الاستدلال بالحديث من هذه الجهة ، وأنّ المناقشة فيه من حيث شموله للمستحبّات.
تتمة : في اعتبار صدق الميسور في جريان القاعدة
قد اشتهر بينهم أنّه لا بدّ في جريان قاعدة الميسور من صدق الميسور على الباقي عرفا ـ كصدق عنوان الصلاة على الباقي ـ ولا بدّ من ملاحظة أدلّتها ليظهر حال هذا الشرط.
فنقول : أمّا قوله صلىاللهعليهوآله : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا ما استطعتم» فدلالته على ذلك تتوقّف على أن يكون المراد منه : إذا أمرتكم بطبيعة لها أفراد ومصاديق ، فأتوا من تلك الطبيعة ـ أي أفرادها ـ ما يكون مستطاعا لكم ، وحينئذ فالفرد المستطاع أيضا فرد للطبيعة صادق عليه عنوانها كالصلاة والوضوء ونحوهما. وحينئذ فلو لم يكن عنوانها صادقا على الفاقد للأجزاء المعسورة لا يمكن إثبات وجوبه بهذا الحديث ؛ لأنّه لا بدّ وأن يكون مصداقا لها ، غاية الأمر أنّه مصداق ناقص ، والمعسور فرد كامل.
وأمّا بناء على ما استظهرنا من الحديث من كون المراد منه الإتيان بالطبيعة المأمور بها زمان الاستطاعة والقدرة ، فلا يستفاد منه هذا الشرط ، كما لا يخفى.
وأما قوله عليهالسلام : «الميسور لا يسقط بالمعسور» ففيه احتمالان : الأوّل : أن يكون المراد الميسور من أفراد الطبيعة المأمور بها لا يسقط بالمعسور من أفراد الطبيعة.
الثاني : أن يكون المراد الميسور من أجزاء الطبيعة المركّبة لا يسقط بالمعسور من أجزاء الطبيعة المركّبة.