المقام الأوّل
في تردّد المكلّف به بين أمرين متباينين أو امور متباينة
وقبل الخوض في ذلك لا بدّ من تقديم أمرين :
الأوّل : في ملاك حكم العقل لجريان قاعدة الاشتغال
إنّ تمام الملاك لجريان قاعدة الاشتغال التي يحكم بها العقل هو أن يكون الشكّ في المكلّف به مع العلم بأصل التكليف ، وأن يكون الاحتياط ممكنا ، وإذا تحقّق هذان الأمران يحكم العقل بالاشتغال ووجوب الاحتياط ، بلا فرق بين أن يكون التكليف المعلوم الذي شكّ في متعلّقه تكليفا وجوبيّا أو تحريميّا ، وبلا فرق بين أن يكون التكليف المعلوم هو نوع التكليف ـ كما إذا علم بأنّه مكلّف بتكليف وجوبيّ بعد الزوال من يوم الجمعة وشكّ في أنّ الواجب هل هو صلاة الجمعة أو صلاة الظهر ـ أو جنس التكليف ، كما إذا علم أنّه مكلّف بتكليف إلزامي ، ولكنّه لا يعلم هل هو وجوب هذا أو حرمة ذاك؟
وبلا فرق أيضا بين أن تكون الشبهة موضوعيّة والشكّ مستندا إلى الاشتباه في الامور الخارجيّة ، كما في تردّد الخمر بين الإنائين ، أو كانت الشبهة حكميّة منشؤها فقدان النصّ أو إجماله أو تعارض النّصين.