الفرق بين الخطابات الشخصيّة والخطابات القانونيّة
والتحقيق في مسألة الابتلاء وعدمه متوقّف على بيان المبنيين في الخطابات الشرعيّة ، أحدهما : ما اختاره المشهور ، والآخر : ما ذهب إليه استاذ السيّد الإمام رحمهالله ، أمّا ما اختاره المشهور فهو انحلال الخطابات الشرعيّة إلى خطابات متعدّدة حسب تعدّد المكلّفين ، وحينئذ لا بدّ من ملاحظة المكلّف ، وأن توجّه الخطاب الشخصي هل يكون مستهجنا بالنسبة إليه ، لأجل الاضطرار أو عدم القدرة العقليّة أو العاديّة أو عدم انصراف إرادته ، أو لا يكون كذلك لفقدان هذه الامور؟ ولا يخفى أنّ الالتزام بذلك يوجب محذورات كثيرة :
منها : أنّ لازمه عدم صحّة تكليف العاصي الذي لا يحتمل المولى الآمر أن يؤثّر أمره فيه ، فيخرج عن كونه عاصيا ، وكذا الكافر بطريق أولى.
ومنها : أنّ لازمه تعميم ذلك بالنسبة إلى الأحكام الوضعيّة أيضا ، فإنّه كما يستهجن التكليف بحرمة الخمر الموجود في البلاد البعيدة والنهي عن شربه ، كذلك يكون جعل النجاسة له أيضا مستهجنا بعد وضوح أنّ مثل هذا الجعل إنّما هو لغرض ترتيب الآثار ، ولا معنى له بعد عدم الابتلاء عادة ، وحينئذ فيلزم أن يكون الخمر الواحد نجسا بالنسبة إلى من كان مبتلى به ، وغير نجس بالنسبة إلى غير المبتلى ، وهذا ممّا لا يمكن أن يلتزم به فقيه.