الباقي المقدور (١).
ولكن اشكل عليه بأنّه تتحقّق في المقام جهتان : الاولى : رفع الجزئيّة في حال العجز وعدم التمكّن ، الثانية : لزوم الإتيان بالباقي المقدور ، فلا مانع من رفع الجزئيّة بفقرة «رفع ما لا يطيقون» من الحديث ، ورفع لزوم الإتيان ببقية الأجزاء بفقرة «رفع ما لا يعلمون» منه ، فإنّا لا نعلم أنّ الإتيان بالباقي في حال عدم التمكّن من هذا الجزء لازم أم لا؟ فتجري البراءة الشرعيّة أيضا بالتقريب المذكور في البراءة العقليّة ، بدون أن يتحقّق في المسألة عنوان الوضع أو خلاف الامتنان.
مقتضى القواعد الثانويّة في المقام
التمسّك بالاستصحاب لإثبات وجوب باقي الأجزاء :
وأمّا الكلام في المقام الثاني : فقد يتمسّك لوجوب الباقي المقدور بالاستصحاب ، وتقريره من وجوه :
الأوّل : استصحاب الوجوب الجامع بين الوجوب النفسي والغيري ، بأن يقال : إنّ البقية كانت واجبة بالوجوب الغيري في حال وجوب الكلّ بالوجوب النفسي وعدم عروض العجز ، وقد علم بارتفاع ذلك الوجوب عند تعذّر بعض الأجزاء أو الشرائط ؛ للعلم بارتفاع وجوب الكلّ ، ولكن شكّ في حدوث الوجوب النفسي بالنسبة إلى البقية مقارنا لزوال الوجوب الغيري عنها ، فيقال : إنّ الجامع بين الوجوبين كان متيقّنا والآن يشكّ في ارتفاعه بعد ارتفاع بعض مصاديقه ، فهو من قبيل القسم الثالث من أقسام
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٤٥.